السؤال
السلام عليكم.
أحتاج نصيحتكم في علاقتي الزوجية.
أبدأ بما تنتقدني زوجتي فيه: أنني صارم، متسلط، لست رومانسيا، أيام عملي طويلة جدا، يستخدم والداي أغراض زفافها، ولا أدافع عنها.
أما أنا، فأنتقدها لكونها متساهلة للغاية مع الأطفال، وأنها تربيهم بشكل سيء، وأنها عاصية؛ فعلى سبيل المثال: ألوم ابني عندما يأكل بيده اليسرى، وعندما يسكب المسحوق 3 مرات في أقل من دقيقة، وعندما يكسر الأشياء، وفي كل مرة تجادلني زوجتي قائلة: إنه صغير (4 سنوات)، وقد طلبت منها أن تربيه جيدا، أو أن تدعني أعلمه.
طلبت منها أن تعلمه اللغة العربية في المنزل، وعندما عدت من العمل اكتشفت مرتين أنها تعلمه لغة البلد الأجنبي الذي نقيم فيه، وقد تشاجرنا، وأخبرتني أنه لن يتحدث العربية في المدرسة، فذكرتها أنه في حالة الاختلاف يجب أن نعود إلى الدين، فأجابت أنه يجب أن نترك الدين أخيرا.
وخلال جدالنا الأخير، وبعد إهانتي، بدأت بتسجيل صوتي، وتركتني أجيب، ثم وضعت يدها على فمي، أزعجني ذلك حقا، فدفعتها، وحاولت صفعي، ونسيت هل نجحت أم لا، ثم تبادلنا الضربات، وفي حالة من الغضب ضربتها بقوة أكبر، مما ترك عدة كدمات.
ثم قدمت شكوى قائلة: إنها لم تكن من بدأت الجدال، وأنها لم تهاجمني على الإطلاق، وقدمت لهم الشريط، وقالت لهم: بأني ضربتها من قبل، وحكم علي بالسجن 18 شهرا مع وقف التنفيذ، ودفع 2500 يورو كتعويض لزوجتي، وجردت من سلطتي الأبوية لمدة عامين، ومنعت أيضا من الاقتراب من زوجتي، والتحدث إليها لمدة عامين.
ما رأيكم في الجدال الأخير؟ وهل يجب أن أطلقها؟ وما هي واجباتي ومسؤولياتي تجاهها وتجاه أطفالي (سنة وأربع سنوات)؟ هل يجب أن أحاول انتزاع حضانة الأطفال منها نظرا لسلوكها وتربيتها؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بسام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- في إسلام ويب، وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله تعالى:
كان الواجب عليك عند استفزاز زوجتك لك، أو وقوعها في الخطأ أن تنسحب، أو تسكت، لا أن تصل المسألة إلى الضرب المبرح؛ فالمرأة لا يكرمها إلا كريم، ولا يهينها إلا لئيم، والضرب العنيف مرفوض شرعا، وعقلا، وقانونا، وليس ذلك من الأخلاق، وخاصة وأنت تدرك يقينا ما عليه القوانين في بلاد الغرب، وقد طبق عليك بالفعل عقوبات قاسية جدا، ما كان ينبغي أن تصل الأمور إليها.
كون المرأة ترفع صوتها على زوجها، أو تمد يدها عليه يعد شرعا من النشوز، لكنك في بلد لا يعترف بشرعنا، ولا يقبل به، وزوجتك قد تحتمي بالقوانين الوضعية؛ لأنها تعلم أنها تميل لصالح المرأة كيفما كانت أخلاقها. لقد صار وضعك الآن حساسا جدا، فأي خطأ جديد قد يحول الحكم الموقوف إلى سجن فعلي، ويؤثر أكثر على مكانتك كأب، وربما تمنع نهائيا من رؤية أبنائك، أو السكن بقربهم.
أما الأطفال: فمن الطبيعي أن يعبثوا بأشياء البيت، فهم لا يدركون قيمتها، وتعليمهم وتأديبهم مسؤولية الأبوين معا، لكن يكون ذلك بالرفق، واللين، والصبر، ولو تذكرت طفولتك لأدركت أن العذر لهم واجب.
من الجيد أن تحاول الجلوس مع زوجتك، للتفاهم الصريح حول كل المسائل الخلافية، ووضع خارطة طريق جديدة، تراعي مصلحة الأولاد أولا، ثم مصلحتكما ثانيا؛ لتعيشا في أمان وسلام.
العصبية المفرطة، والصرامة الزائدة التي تراها زوجتك لا بد أن تجتهد في تعديلها، ولا شك أن المرأة تحتاج إلى الكلمات العاطفية التي تشبع عاطفتها، خاصة وأنت تغيب أياما طويلة بسبب عملك؛ فلا بد من تعويضها بالحنان، والاهتمام الذي يؤنس وحشتها، كذلك تحتاج المرأة إلى خصوصية في حياتها، سواء كان ذلك في السكن المستقل، أو في أثاث خاص بها لا يستعمله غيرها، فعليك أن تقدر هذا.
إن لم تصلوا إلى حل وسط، فإني أنصحكما باللجوء إلى إمام المسجد القريب منكما، وطرح مشكلتكما عليه، وقبول ما يحكم به، فإن لم ينفع ذلك، فليبعث كل واحد منكما حكما من أهله ممن يثق به، ثم تتحاكمان إليهما امتثالا لقوله تعالى: ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ۗ إن الله كان عليما خبيرا﴾ [النساء: 35]، وعليكما قبول الحكم، سواء بالوفاق، أو الطلاق.
إن حكم بالطلاق، فلا بد أن يتضمن الحكم بيان مصير الأبناء بما يحقق مصلحتهم الدينية والدنيوية، مع الاتفاق على النفقة، والسكن، وزيارة الأطفال، وغير ذلك؛ إذ لا ينبغي أن يعيشوا في أجواء مليئة بالعنف والخصام. انتزاع حضانة الأبناء من أمهم يحتاج إلى إثبات عدم صلاحيتها كما حدده الشرع، ولا أدري ما تنص عليه القوانين الوضعية في البلد الذي أنتم فيه؛ فلا تتعجل حتى تدرس المسألة من جميع جوانبها.
وأخيرا، أقول: هذه نتيجة طبيعية للسكن بين ظهراني غير المسلمين، وقد حذر النبي ﷺ من ذلك، فإن أمكن –في حال الاتفاق مع زوجتك– أن تعودا إلى بلاد الإسلام؛ فذلك خير لكما ولأبنائكما، ونوصيك بالإكثار من الدعاء والتضرع بين يدي الله تعالى، وأن يهديك لأرشد طريق، وأن يؤلف بين قلبك وقلب زوجتك، وأن يلم شعث أسرتك.
نسأل الله لك التوفيق، ونرحب بتواصلك معنا متى استجد أي جديد.