الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجتي طيبة وصالحة لكني أحياناً لا أجدها جميلة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تزوجت منذ أقل من سنة، وزوجتي طيبة وصالحة، ولكن لا أجدها جميلة في معظم الأحيان، لم أجدها جميلة منذ الخطوبة، وأكثر من مرة كدت أن أفسخ الخطوبة، ولكني أعود عن رأيي؛ لأني لم أرد أن أحزنها وهي طيبة ورقيقة، وأقنعت نفسي أنها ستكون زوجة صالحة، وهي بالفعل -والحمد لله- زوجة صالحة وتحبني وتتمنى لي الخير والرضا دائمًا.

أنا غير راضٍ عن الزواج -للأسف-؛ لأني لا أجدها جميلة معظم الوقت، ودائمًا أفكر بالطلاق والبحث عن زوجة أخرى، أو الزواج بثانية، وللأسف؛ أنظر إلى النساء في كل مكان وأقارنهن بزوجتي، والكثير منهن يُعْجِبْنَنِي أكثر منها! حاولت أكثر من مرة أن أحثها على أن تعالج مشاكل ببشرتها، تجعلني لا أحب أن أنظر إليها، ولكنها لا تريد أن تلتزم، ليس لدينا أولاد، وأنا أؤخر الأمر؛ لأني غير واثق من موقفي في الزواج.

هي تحبني، وقد تمسكت بها لأجل حبها لي، ولكن لا أستطيع القول إني أرغبها وأحبها دائمًا، بل أحيانًا أكره اختياري لها، وعدم قدرتي على تركها في الوقت المناسب.

أنا متأكد أني لن أقدر على التعايش مع هذه المشاعر للأبد؛ لأنها تسبب لي الكثير من التشتت والقلق، وفي الغالب، إن بقينا معًا، سأسعى للزواج بأخرى، سواء كان لدينا أطفال وقتها أم لا، وأخشى من عواقب ذلك حينها.

حاولت أن أستعين بالصلاة والعبادة، ولكن -للأسف- الأمر يسيطر على تفكيري، ويسبب لي قدرًا كبيرًا من الحزن وعدم الاستقرار النفسي.

ماذا أفعل كي لا أظلمها أو أظلم نفسي الآن ومستقبلاً، وخصوصًا إن قررت الاستمرار والزواج بأخرى، مع وجود أطفال -إن شاء الله-؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نُثَمِّنُ لك سَعْيَك لطلب النصح والمشورة، ونشكر لك التواصل للبحث عن حلول لمشكلتك مع موقع إسلام ويب، وعليك التوجه بالشكر لله أن رزقك زوجة صالحة مُحِبَّة، ونُثْني على حرصك على ألا تظلمها، وهذا دليل على خير فيك -بإذن الله-.

واعلم أن الزواج لا يقوم على الجمال وحده، بل على الدين والخُلُق والمودة، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، فالمودة والرحمة هما الأساس، والجمال الزائد نعمة يُستحب شكرها، لكن لا يصح أن يُبنى عليه مصير أسرة كاملة، وأحيانًا يكون سبب ما تشعر به من نفور ناتجًا عن المقارنة والنظر المُحَرَّم، والنفس إذا تعودت المقارنة لم تَرْضَ بشيء؛ لذلك أول ما ينبغي عليك البدء به هو غض البصر، وترك النظر إلى ما لا يحل لك، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}، وانظر إلى المحاسن الأخرى في زوجتك مثل: دينها، طيبتها، محبتها لك، وحرصها على رضاك، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقًا رَضِيَ منها آخَر» (رواه مسلم).

فالمؤمن العاقل يوازن، ويُغَلِّبُ جانب الشكر على جانب الضَّجَر، ومن حقوق زوجتك عليك أن تُحْسِنَ معاملتها، وابدأ بإحياء المودة بينكما، بالكلمة الطيبة، والهدايا، والمدح، والملاطفة، فإن القلوب تميل لِمَن يُحْسِنُ إليها، وبدلاً من نقدها في مظهرها، شجعها بلطف وتحفيز على تحسين ما تستطيع، دون مقارنة أو ضغط، ويمكنك الاستعانة بشخص مناسب من الأقارب أو مَن تَثِقُ في خُلُقِه لنصحها، وتنبيهها للاهتمام ببعض الأمور التي قد لا تُعْجِبُك فيها.

لا تتعجل باتخاذ قرار الطلاق؛ فالكثيرون يندمون بعده، ويكون السبب ضعف الرضا، لا سوء الزوجة، واستخر الله تعالى، وأكثر من الدعاء أن يُلقي محبتها في قلبك، فقد قال سبحانه: {وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، أما التفكير بالزواج الثاني فاجعله مؤجلاً حتى تستقر نفسك، فإن الجَمْعَ مع اضطراب القلب يزيد المشكلات ولا يحلها، وقد تَظْلِمُ زوجتك الجديدة والقديمة معًا.

وخلاصة الأمر: ارضَ بما قسم الله لك، وأحسن النظر في النعم التي أغدق الله عليك بها، وأصلح نيتك، وأقبل على زوجتك بإحسان، فربَّ نظرة رضا تَزْرَعُ حُبًّا لم يكن يَخْطُرُ لك على بال.

نسأل الله أن يؤلف بين قلبيكما، ويملأ حياتكما سكينة وبركة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً