لا أحسد الناس ولكني أشعر بأنهم يتضررون مني، فماذا أفعل؟

0 5

السؤال

كنت طبيعية جدا لم أشعر يوما بأذية الناس، لكن السنة الماضية لاحظت تأذي البعض مني، أما هذه السنة، فالأمر مختلف تماما تتابعت الأحداث بشكل سريع، كلما تكلمت عن شيء يقع، كلما حذرت شخصا من شيء يحصل بشكل رهيب، مع العلم أني لا أريد أذية الناس، من يرى خلقي وأخلاقي لا يظن بأن عيني تؤذي الناس، تعبت نفسيا كثيرا، حتى إنني دائما أقول: "ما شاء الله تبارك الله"، ودائما أحصن الناس.

البعض منهم يقول لي: "عينك حارة"، ولاحظوها حقا، وتركت حياتي وعملي، وانشغلت بالقلق والخوف على الناس.

أتمنى أن أرجع كما كنت لا أؤذي فعلا، أنا لا أعرف ماذا تغير، فالحاسد تظهر عليه علامات الحسد، لكني والله لا أحسد الناس، حتى عندما أرى أن شخصا رزق بشيء، أقول: اللهم أنعمت عليه، فزد له، ودائما أقول: ما شاء الله.

الأمر محرج للغاية أمام أصدقائي وأقاربي، ولم أجد حلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه وسوء.

الأخت الكريمة: إن أول ما نحب قوله: اطمئني، فما تمرين به ليس دليلا على أنك تؤذين الناس، ولا أنك صاحبة "عين حارة"، بالمعنى الذي يرعبك، بل هو نوع من الوسوسة والضغط النفسي الذي تضخمه الأحداث المتكررة في ذهنك، حتى صار قلقا يلازمك.

ودعينا نقسم الكلام إلى عدة عناصر:
1. حقيقة العين: العين حق كما قال النبي ﷺ: العين حق (رواه البخاري)، أي أن الإصابة بالعين أمر ثابت في الشرع، لكن ليست كل مصادفة أو حدث يقع بعد كلامك يعني أنك أصبت أحدا بالعين.

كثير من الناس يربطون الأحداث بما لا علاقة له بها، فيظنون أن هذا الشخص "عينه حارة"، والحقيقة أن القدر جار بحكمة الله، ولا دخل لنظرتك فيه، الحاسد أو العائن يظهر عليه شيء من الضيق حين يرى نعمة عند غيره، أما من يفرح بالنعمة ويدعو بالزيادة كما تفعلين، فليس من أهل الحسد.

2. ما يحصل معك نفسي لا شرعي: تركيزك الشديد على هذه الفكرة (أني أؤذي الناس بعيني) جعل عقلك يربط أي حدث بعد كلامك مباشرة بما صدر منك من كلام، وهذا نوع من القلق الوسواسي وليس حقيقة.

لو أنك فعلا تؤذين الناس بعينك، لكان أثر ذلك متواترا ظاهرا عند الجميع بشكل لا لبس فيه، وليس مجرد ظنون أو مصادفات.

3. ما يجب عليك فعله أمور:
أولها: التحصين: ما دمت تقولين "ما شاء الله" و"تبارك الله"، وكذلك يمكن أن تقولي عند رؤية شيء: (اللهم بارك)، فهذا من أنفع ما يدفع العين، وأكمليه بأذكار الصباح والمساء (آية الكرسي، المعوذات).

ثانيا: قطع الوسوسة: لا ترددي في نفسك "أنا أؤذي الناس"، بل استبدليها بدعاء: "اللهم اجعلني مباركة حيثما كنت"، إعادة الثقة بنفسك: ذكري نفسك أنك كنت طيبة الخلق، لا تؤذين أحدا، وهذا لم يتغير فيك، الذي تغير هو نظرتك لنفسك بسبب الخوف.

العمل والعودة للحياة: لا تجعلي القلق يعطلك عن حياتك، عيشي كما كنت، وتعاملي بعفويتك، ترك العمل والحياة من أجل هذا الوهم يزيدك تعبا.

رسائل تطمئن قلبك:
- الله لا يحملك إثما على شيء لم تتعمديه، والعين لا تخرج من قلب خال من الحسد.
- قلقك المستمر على الناس وخوفك عليهم دليل على صفاء قلبك، وليس على أنك مؤذية.
- علاج الأمر يبدأ من إقناع نفسك أن ما يحدث أوهام ووساوس، ثم التحصن بالأذكار، ثم العودة للحياة الطبيعية دون خوف.

5. الصلاة أساس الطمأنينة:
تذكري أن الصلاة هي أول ما يطهر القلب من الوسوسة، ويمنحك يقينا بأن الله يحفظك ويحفظ من حولك.
كلما داومت على صلاتك بخشوع وذكرت الله عندها، أحسست بالسكينة، وزال عنك ثقل هذا الخوف، فلا تتركي الصلاة أبدا، بل اجعليها حصنك الأول وسبب عودتك إلى صفاء نفسك.

الخلاصة: ما يحدث معك ليس عينا منك للناس، بل وسوسة أثقلت قلبك، عالجيها بالأذكار، وبالثقة في نفسك، وبالعودة لحياتك الطبيعية، واعلمي أن الله يعلم نقاء قلبك، وأنك لا تريدين إلا الخير للناس.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات