السؤال
السلام عليكم.
عندي أخ على خلق ودين، وقد أصيب مؤخرا بمرض ثنائي القطب، وهو الآن في وضع مستقر، وملتزم بتناول الدواء، ومراجعة الطبيب.
يرغب في الزواج من فتاة بنفس العمر، وهي متعلمة وجامعية، وتعلم بمرضه، وتريده بالرغم من معرفتها بذلك، وهو أيضا جامعي، ويعمل مهندسا مدنيا، وكلاهما يريد الزواج.
الفتاة لا تريد إخبار والديها بمرضه، خوفا من رفضهما، وقالت: إنها تود إخبارهما بعد عقد القران، فهل تؤيدون هذا الزواج؟ وما نصيحتكم لأخي وللفتاة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
بداية، نسأل الله تعالى أن يمن على أخيك بالشفاء العاجل، وأن يجعل ما ابتلي به سببا لرفع درجاته، وتكفير سيئاته، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه).
أختنا الفاضلة: من المعلوم أن مشاعر الزواج غالبا ما تبدأ بدافع عاطفي قوي، وهذا أمر فطري أودعه الله تعالى في النفوس، لكن مع هذا الاندفاع، لا بد من إدراك أن الزواج ليس مجرد حب ومشاعر عاطفية فقط، بل هو مسؤوليات متنوعة، تحتاج إلى وعي وواقعية حتى يثمر الزواج سعادة واستقرارا، وينشئ جيلا من الأبناء الأسوياء الصالحين، لذلك من المهم عند الإقدام على مشروع الزواج: ألا يطغى الجانب العاطفي على التفكير المتزن، وألا يغفل الطرفان عن ما يترتب على هذا الزواج من التزامات، وحقوق متبادلة.
ومن المعروف أن المصاب باضطراب ثنائي القطب يتعرض لتقلبات مزاجية حادة، بين نوبات الهوس والاكتئاب، قد تضعف أو تشتد بحسب طبيعة الحالة، ومدى استجابتها للعلاج، والتزامها بتوجيهات الأطباء، وهذا بلا شك له أثر مباشر على استقرار الحياة الزوجية التي تقوم أساسا على السكن والمودة والرحمة، وينعكس أثرها على الأبناء ونشأتهم، وحياتهم العملية والاجتماعية.
وعليه: فمن يقدم على الزواج لا بد أن يكون على وعي تام بهذه الحقائق، كما أن المرأة التي تقبل على الزواج من مريض باضطراب ثنائي القطب ينبغي أن تدرك تماما طبيعة التغيرات التي ستواجهها، وما يترتب عليها من أعباء ومسؤوليات، وإذا وعيت هذه الجوانب، فإليك بعض التوجيهات التي نوصي بها:
أولا: مرض ثنائي القطب لا يعتبر عائقا أمام الزواج، فكثير من المصابين بخ يعيشون حياة مستقرة إذا التزموا بالعلاج والمتابعة المنتظمة، لكن لا بد من الرجوع إلى طبيب نفسي مختص؛ ليقيم مدى قدرة الحالة على الإقدام على الزواج في هذه المرحلة، أو الحاجة إلى التريث.
ثانيا: بناء الوعي المشترك بين الطرفين أمر ضروري، فالتحدي الأساسي يكمن في الانتكاسات المحتملة، وطبيعة الأعراض المتمثلة في نوبات الهوس أو الاكتئاب، والتي تحتاج إلى قدر كبير من الصبر والتفهم، ووجود زوجة واعية متفهمة يعد عاملا رئيسا في استقرار المريض.
ثالثا: من الأهمية بمكان إخبار أهل الفتاة بمرض الشاب قبل عقد القران، حتى لا يؤدي إخفاء الأمر إلى قطيعة، أو مشكلات بينها وبين والديها، ويمكن إيصال الأمر إليهما بطريقة تطمئنهما بأن الشاب على قدر عال من الدين والخلق، وأن الله قد ابتلاه بهذا المرض، وهو الآن في حالة استقرار، ملتزم بالدواء والمتابعة الطبية، ومن الأفضل أن يعرض الأمر عليهما من خلال طبيب مختص، أو تقرير طبي موثوق، فهذا أدعى لطمأنتهما على مستقبل ابنتهما.
الوالدان لهما حق أصيل في الاطمئنان على استقرار ابنتهما وسعادتها الزوجية، وليس من البر أن تخفى عنهما مسألة مؤثرة كهذه، بل إن الفقهاء نصوا على أن إخفاء العيب المؤثر يعد غشا وتدليسا، ويثبت للولي حق طلب فسخ عقد الزواج.
ولتفادي مثل هذه الإشكالات، لا بد من اطلاع ولي الفتاة - أي والدها- على الأمر من خلال أهل الاختصاص، حتى يسير الزواج على وضوح وصراحة، ويبنى على الثقة المتبادلة.
ولمزيد من الفائدة يمكنك الاطلاع على الاستشارة التالية: (2214858).
نسأل الله أن يوفقكم إلى الخير، ويعينكم عليه.