كيف أخفف من غيرة زوجتي التي تضايقني بكثرة الأسئلة والمتابعة؟

0 4

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا رجل متزوج، أحب زوجتي كثيرا، ولا أرى غيرها، لكنها شديدة الغيرة، وخصوصا عندما أتعامل مع زميلاتي في الدراسة أو العمل، فهي تكثر من سؤالي عن طريقة تعاملي معهن، وهذا يسبب لي شيئا من الضيق؛ لأنني أشعر وكأنها تحقق معي، مع أني أعلم أن نيتها سليمة، غير أن طبعي لا يميل إلى كثرة التبرير، أو شرح تفاصيل المواقف.

فما الموقف الشرعي الصحيح في هذه الحالة؟ وهل يجوز أن أقول لها: "ليس من الضروري أن تفهمي كل شيء، أو تسألي عن كل تفاصيله"، أم أن هذا قد يفتح بابا للشيطان لتخيل أمور غير صحيحة في نفسها؟

الأمر الآخر: كان لدي عرض تقديمي في الجامعة، فطلبت من إحدى زميلاتي أن تصورني مقطع فيديو أثناء العرض، ثم تواصلت معها بخصوص هذا الفيديو لإرساله لي، وأحيانا نتواصل بشأن شيء يخص الدراسة، فما حكم هذا الطلب وهذا النوع من التواصل؟

وأود التنويه إلى أني أنظر إلى زميلاتي النساء كما أنظر إلى زملائي الرجال، ولا أفرق بينهم في هذا الباب.

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عز الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، وشكرا لك على حبك لزوجتك، ووفائك لها، واكتفائك بها، هذا معنى جميل، لكن من المهم أن يصل إلى الزوجة، وأن تبين لها هذا الجانب العظيم الذي تسعد به و-لله الحمد-.

ويتأكد هذا المعنى، وإيصال هذه المعاني الإيجابية الجميلة للزوجة؛ عندما تكون شديدة الغيرة؛ لأن المرأة تحتاج إلى أن تشعر في كل لحظة أنها في المقدمة، وأن زوجها لا يفكر إلا فيها، ولا ينظر إلى غيرها، وهي تحتاج إلى تأكيد هذا المعنى، وتأكيد الشعور بالحب، فلا تمل من ذكر هذا الجانب لها، وإظهار الفرح بها والسعادة بها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على تجاوز هذه الصعاب؛ فإن في هذا قهر للشيطان، وطرد له، بخلاف الغموض، وبخلاف عدم الإجابة على الأسئلة.

والإجابات ينبغي أن تكون دبلوماسية، وتؤكد لها في كل مرة أن وجود امرأة ناجحة مثلها في حياة الرجل ينسيه غيرها، ولا يمكن بعد ذلك أن ينظر إلى غير زوجته التي تملأ حياته بالسعادة، وأنك لا تعرف غيرها، وأنك تسعد بها.

لذلك نحذر من كلام: ليس من الضروري أن تفهمي كل شيء، أو تسألي عن كل تفاصيله، بل الوضوح في مثل هذه الأحوال هو هدي النبي -عليه صلاة الله وسلامه-، الذي جلس مع أمنا عائشة، وبين لها الموقف لما غارت من خروجه إلى البقيع، وتابعته، وظنت أنه ذهب إلى بعض زوجاته -عليه الصلاة والسلام-؛ فعند ذلك (باختصار) لهزها -يعني دفعها في صدرها- ثم قال: أتخافين أن يحيف الله عليك ورسوله؟ ثم بعد ذلك بين لها الأمر، أنه كره أن تنزعج، وأنها كانت وحدها، وأن جبريل جاءه وأمره أن يخرج، و... و... إلى آخر القصة الجميلة التي تبين أهمية الوضوح مع الزوجة في مثل هذه الأحوال.

ولذلك؛ فإن الرفض أو الغموض وعدم الإجابة، أو قولك: ليس من الضروري أن تعلمي؛ كل هذا لن يزيد الأمر إلا تعقيدا.

وبالنسبة للأمور الأخرى –كالتعامل مع الزميلات– أيضا تراعي هذا، إذا كانت الزوجة غيورة، فإنا نقول للزوجة: لابد أن تراعي الزوج، لا تكلمي الرجال، كما فعلت أسماء -رضي الله عنها-؛ إذ رفضت أن تركب مع النبي ﷺ، وقالت: "تذكرت الزبير وغيرته"، وإذا كان الأمر للرجل، يتذكر هذا المعنى العظيم، فيجتهد في التعامل أولا مع زملائه من الرجال.

نحن دائما في الجامعات نقول: يوجد زملاء وزميلات، فلماذا أترك الزملاء وأتعامل مع الزميلات؟! ولماذا تترك الفتاة الزميلات وتتعامل مع زميلها من الرجال؟ قدر الإمكان نجعل تعاملنا مع الرجال، والنساء يتعاملن مع النساء، والوضع الأجمل من هذا هو أن يهيأ الله لهذه الأمة فرصة لتكون للنساء جامعات، وللرجال جامعات منفصلة؛ لأن الشريعة تباعد بين أنفاس النساء والرجال حتى في العبادة، فتجعل خير صفوف النساء آخرها لبعدها عن الرجال، وتجعل خير صفوف الرجال أولها أيضا لبعدها عن النساء.

ولذلك لا تفتح على نفسك مثل هذه الأبواب، واجعل الإجابات أيضا فيها نوع من الدبلوماسية، وأشعرها في كل لحظة بمكانتها، وباحتفائك بها، وبسعادتك معها، ولا تمل من هذا، حتى تشبع عندها هذا الجانب.

وكونك تنظر إلى الزملاء والزميلات، يعني لا تفرق بينهم، طبعا هذا كلام تقوله أنت، ولكن نحن نريد أن نقول: الشريعة لا تنظر لهذا؛ الشريعة تضع الحدود؛ لأن الإنسان لا يدري متى يكون الميل، ومتى تأتي اللحظة التي تتحرك فيها المشاعر؛ ولذلك الشريعة تسد هذه الأبواب؛ فتمنع الخلوة مثلا بالمرأة، وتمنع النظر إلى المرأة.

هذا ليس لك وحدك، هذا لكل الرجال، فالشريعة تضع التدابير الواقية التي تباعد بين النساء والرجال، مهما كان هؤلاء النساء وهؤلاء الرجال.

نسأل الله أن يعينك على الخير، والحمد لله الأمور طيبة ما دمت تحب الزوجة، وما دامت هي تغار عليك، وهذا دليل على حبها، لكن الغيرة الشديدة تحتاج إلى تجنب كل ما يمكن أن يكون مدخلا للريبة، وكل ما يكون مدخلا للشيطان، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يزيدكم ألفة ومحبة.

والزوج ينبغي أن يحترم مشاعر زوجته؛ فهي ينبغي أن تحترم مشاعرك، فلا تكلم الرجال، وأنت تحترم مشاعرها فتجتهد في ألا تكلم النساء إلا لضرورة قصوى، وإن حصلت الضرورة فليكن ذلك بمقدار، ووفق الضوابط الشرعية المرعية في هذه المسألة.

ونسأل الله -تبارك وتعالى- لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات