بعد الاستخارة تقدمت لفتاة وشعرت بانقباض، فما توجيهكم؟

0 8

السؤال

تقدمت لخطبة زميلتي في العمل بعدما صليت الاستخارة عدة مرات، وكنت أرى فيها رجاحة عقل وحسن خلق؛ مما دفعني لاتخاذ خطوة الخطبة. لكن قلبي كان بين كل استخارة وأخرى، كأنه مذبذب؛ لا أستطيع أن أفهم ما بداخلي، فينقبض تارة وتطمئن نفسي تارة أخرى.

وعندما زرت أهل زميلتي، وما إن ركبت سيارتي بعد انتهاء الزيارة، حتى شعرت بانقباض شديد في قلبي، حتى إنني بدأت أجبر نفسي على تذكر الأمور الإيجابية لأتخلص من هذا الشعور.

وقبل زيارة أهلي لأهلها بأسبوع، كان يتملكني شعور دائم بانقباض القلب، وإحساس عام غير مفهوم بأن شيئا سيئا سيحدث، بالإضافة إلى أحلام مزعجة متكررة طوال الأسبوع تتعلق بموضوع الخطبة، وقد تمت زيارة أهلي لأهلها، لكنهم لم يبدوا رضاهم الكامل عن الموضوع، وإن لم يرفضوه تماما.

ما يشغلني حقا هو هذا الشعور المتكرر بانقباض القلب، والذي يؤلمني فعليا، هل لهذا علاقة بصلاة الاستخارة؟ رغم أنني في البداية، قبل مفاتحة زميلتي، كنت أميل إلى الشعور بالراحة، وما يزيد من حيرتي أنني لم أر منها أي سوء.

فهل علي شيء إن لم تتم الخطبة؟ وهل ما أشعر به من توتر وانقباض هو من توابع الاستخارة، أم لا علاقة له بها؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك حرصك على السؤال، ونسأل الله أن يعينك على اتخاذ القرار الصحيح، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يقدر لك الخير حيث كان، ثم يرضيك به.

إذا كانت الفتاة فيها رجاحة عقل وحسن شخصية، وجئت إلى دارها من الباب، وشعرت بالارتياح في البدايات؛ فأرجو ألا تنزعج مما يحدث، وعلى كل حال: من حقك أن تسأل عنها، ومن حقهم أن يسألوا عنكم، والخطبة أصلا ما شرعت إلا لهذا، لتكون وسيلة يتعرف بها كل طرف على الآخر.

ولا مانع بعد ذلك من أن يعلن هذا الطرف أو ذاك التوقف عن إكمال المشروع، فلا حرج في ذلك، والمطلوب أن يتم ذلك بحسن أدب، وباعتذار لطيف، ومن الخير أن يكون هذا في البدايات؛ لأننا لا نريد أن تتوسع العلاقة، وتكثر الزيارات، وتمتد العواطف من هذا الطرف أو ذاك -أو من الطرفين- ثم يحدث بعد ذلك إيقاف لهذه المسيرة العاطفية، التي هي سعي لتكوين أسرة ترضي رب البرية، ويسعد بها رسولنا الذي يفاخر ويكاثر بنا الأمم، عليه صلاة الله وسلامه.

ثانيا: هذا الانقباض الذي يحدث، وهذا التذبذب -أحيانا تشعر بارتياح وأحيانا غير مرتاح– تعوذ منه بالله من عدونا الشيطان؛ فإن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، كما قال تعالى: {ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئا إلا بإذن الله}.
وإلا فهذا الانقباض إذا كانت له أسباب واضحة، فنحن نعتد بها، أما إذا لم تكن له أسباب واضحة، وكان كل ما في الفتاة جميل، وكل ما في أهلها مقبول، وهي صاحبة دين، ورضيتك، وارتاحت إليك، وارتحت إليها، إذا تحققت هذه الأمور فهنا الإنسان يمضي، مع تكرار الاستخارة، فلا مانع في ذلك.

ولكن ينبغي من الضروري أن تعلم أن صلاة الاستخارة لا تعني أن الإنسان لا ينقبض بعدها، ولا ينزعج ولا تحدث صعوبات، بل الاستخارة فيها توكل على الله، وفيها استعانة بالله، وفيها طلب الدلالة إلى الخير ممن بيده الخير، لكن صعوبات الدنيا جبلت على كدر، وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار ، ومكلف الأيام فوق طباعها، متطلب في النار جذوة نار.

فعليك إذا أن تستشير، وتستخير، وشاور أهلك، وتحرص على تذكر الإيجابيات -كما أشرت- وأكثر من التعوذ بالله من الشيطان، وحافظ على أذكار الصباح والمساء، واقرأ على نفسك الرقية الشرعية، ولا مانع أيضا من أن تذهب إلى راق شرعي مختص، يقيم الرقية الشرعية وفق قواعدها وضوابطها المرعية.

ونكرر: من حق أي طرف أن يتخذ القرار المناسب، فلا شيء عليك إذا لم يتم الأمر، ولا شيء عليها إذا أيضا هي لم توافق، وما ينبغي أن تقف طويلا أمام هذا التأرجح في المشاعر، وتذكر أن هذا الذي يحدث أحيانا قد يشعر به الإنسان لشعوره بالمسؤولية، أو شعوره بصعوبة إتمام المراسيم، أو نحو ذلك.

وبالنسبة لأهلك حاول أيضا أن تذكر لهم أحسن ما رأيت، وحاول أن تربطهم بتلك الأسرة، وتفهم أسباب ترددهم أو أسباب رفضهم، وعلينا أن نعلم أننا لن نجد فتاة بلا عيوب، كما الفتاة لن تجد شابا بلا نقائص، فكلنا بشر والنقص يطاردنا.

هذه الواقعية عندما نفكر بها بهذه الطريقة سيشعر الإنسان بارتياح كبير جدا، والنبي ﷺ قال: إن كره منها خلقا رضي منها آخر، هذا ميزان نبوي ينبغي أن نقيمه في حياتنا في تأسيسها وفي استمرارها.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات