السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل سنوات، كنت ذات ليلة سهرانة بشكل طبيعي جدا، وفجأة شعرت بجفاف في أنفي، فوضعت يدي على قلبي فلم أشعر بنبض! (في الحقيقة لم أكن أعرف مكان القلب أصلا)، ففهمت الأمر خطأ، وبدأ قلبي يخفق بشدة وبقوة، مثل الطعنة، ثم يعود طبيعيا، ثم تعود النبضة القوية مثل الطعنة، ولم أوقظ أحدا، بل عانيت وحدي وشعرت بدوخة.
في الصباح استيقظت وأنا أشعر بشعور غريب، فذهبت إلى طبيب عام، فقال: إن ضغطي مرتفع، ثم ذهبت إلى طبيب عام آخر، فقال: إن لدي فقر دم، وعندها شعرت بصدمة، وكأن شيئا تحطم بداخلي، واعتقدت أنني مريضة بمرض عضال.
عندما بدأت أخذ العلاج، بحثت في الإنترنت فوجدت في الصفحة الأولى من جوجل، أن هذا العلاج قد يسبب فشل القلب، فارتعبت وأصبحت مدمنة بحث، 24 ساعة أبحث عن الأعراض، وعن أشخاص توقف قلبهم فجأة، وصرت أفزع من النوم، وأخاف من لا شيء، ولا أنام إلا في غرفة أهلي، وأتأكد أنهم نائمون.
ثم جاءت كورونا، وكنت أعاني من دوخة شديدة بسبب فقر الدم، وامتنعت عن حبوب الحديد، لأني اعتقدت أنها تسبب الخفقان، وبقيت على هذا الحال حتى المدرسة، حيث عادت لي نوبات الهلع، بسبب مقطع عن رمضان، وشعور قرب الموت مع الاختلاط في الدوام.
أصبحت أوسوس بالموت، وأحيانا أفكر أن روحي في خطر، ولجأت إلى بعض العادة السرية فشعرت بالارتياح قليلا، لكن نوبات الخفقان والشعور بالذنب جعلتني أركض في البيت، مع خفقان شديد، وشفتاي أصبحت بيضاء، وشعرت وكأنها النهاية، ولم أستطع النوم ليلا، وأحس بالخطر المحدق.
منذ ذلك اليوم أصبحت أسهر وأشعر بالهلع عند قراءة القرآن، أو مشاهدة المسلسلات، ويخفق قلبي بشدة، وقبل أسبوعين وأثناء السفر في الصحراء، شعرت بخوف شديد وخفقان وصل إلى 160، مع ضغط شديد وشعور بالخطر، وذهبت إلى طبيب فوجد مخزون الحديد 16 ووجهي أصفر.
أعرف أن هذا هلع، لكنني لا أستطيع تصديق ذلك، والشعور مسيطر علي بطريقة مرعبة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.
لا شك أن النوبات التي حدثت لك هي نوبات هلع أو فزع، أو هرع كما يسمى، وهو نوع من القلق النفسي الحاد، الذي قد تكون له مسببات، وفي بعض الأحيان -أو في معظم الأحيان- يكون بلا أي سبب، وفي حالتك موضوع فقر الدم أدى إلى زيادة في خفقان القلب، والسبب الرئيسي للخفقان هو الفزع والهرع، لكن وجود فقر الدم يزيد من قوة هذا الخفقان؛ لأن الأنيميا أو فقر الدم، يؤدي إلى زيادة استشعار القلب، حتى يعوض النقص الذي يحدث في الأكسجين، عموما: حالتك -إن شاء الله- بسيطة، ويجب أن تعالج.
أولا، بالنسبة لفقر الدم، لا بد أن تعالجيه، والأمر بسيط جدا، نقص الحديد علاجه سهل جدا، يعطونك العلاج التعويضي، إما عن طريق الإبر (الحقن)، أو عن طريق الحبوب، وهذا أمر شائع جدا لدى كثير من البنات، أي النقص في الدم، قد يكون سببه مثلا: عدم التغذية السليمة، أو نزول كميات كبيرة من الدم خلال العادة الشهرية، هذه أسباب معروفة جدا، ويجب أن يعالج فقر الدم هذا، والعلاج سهل جدا، فاذهبي إلى طبيبة الأسرة أو طبيب الباطنية، و-إن شاء الله- سوف يصف لك العلاج المناسب لهذا النقص في الحديد.
بالنسبة لنوبات الفزع هذه، عليك أن تتجاهليها، قدر المستطاع، لكن أيضا تحتاجين إلى تناول علاج دوائي نفسي بسيط جدا، هناك دواء يسمى (سيبرالكس - Sperilex)، هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام - Escitalopram) يمكن أن يصفه لك طبيب الباطنية إن لم تستطيعي الذهاب إلى الطبيب النفسي.
جرعة السيبرالكس هي نصف حبة، أي 5 ملغ من الحبة التي تحتوي على 10 ملغ، تتناولين الجرعة الصغيرة هذه لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعليها حبة كاملة، أي 10 ملغ لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.
من المهم جدا أيضا أن تمارسي تمارين الاسترخاء، ومن خلال هذه التمارين يتم الشهيق والزفير بصورة خاصة، بحيث تكون هناك قوة في أخذ النفس مع البطء، ثم يمسك الإنسان الهواء -أو يحصره- في الصدر لمدة 4 ثوان مثلا، وهناك برامج كثيرة على اليوتيوب، توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وأرجو أن تطلعي على أحد هذه البرامج.
الأمر الآخر، يجب أن تشغلي نفسك، يجب أن تتخلصي من الفراغ الزمني والفراغ الذهني، تتجنبي السهر، تنامي مبكرا، تحرصي على الصلاة في وقتها، تنتظمي في دراستك، وتجتهدي لتكوني من المتميزين، تكوني بارة جدا لوالديك، ومشاركة بمشاركات إيجابية داخل الأسرة.
أما العادة السرية فخطورتها كبيرة عليك، لأنها متعة مؤقتة، وحسرة طويلة، فهي معصية تعصين الله بها، وتشكل خطرا على نفسيتك، وعلى جسمك، وتؤثرفي غشاء البكارة، بل وستكون خطرا على علاقتك المستقبلية بزوجك، فاحذري منها، وأقلعي عنها.
هذا كله -إن شاء الله تعالى- يساعدك في تنظيم صحتك النفسية والارتقاء بها، وكذلك صحتك الجسدية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.