السؤال
السلام عليكم.
أتابع موقعكم الكريم منذ سنوات، وأنا سعيد جدا بما تقدمونه من فائدة للمجتمع.
أنا شاب تعرضت لنوبات قلق، ولم أكن أعرف عنها شيئا، وذلك بعد حدوث زلزال البلاد، مع العلم أنني كنت أشرب الكحول بكثرة، وبعد ذلك سافرت، وغيرت نظام حياتي، ولكن بعد ثلاثة أشهر وأنا جالس في وظيفتي أصابتني أفكار مخيفة، وبعدها بدأت تتدهور الحالة، فقررت الذهاب إلى طبيب نفسي، فشخصني بنوبات الهلع، ووصف لي دواء السيرترالين والليبروكسيد مع الكونكورد، والتزمت بأخذ الدواء، وبعد شهرين تحسنت حالتي، وعدت لعملي، وتحسنت ظروف الغربة.
الأعراض كانت مستمرة، ولكن بدرجة خفيفة، وكانت تأتيني نوبات قلق كل 15 يوما، وتلزمني ليومين أو ثلاثة، ثم تختفي، وهكذا تأقلمت.
بعد 6 أشهر أوقف الطبيب العلاج، وفي هذه الفترة كنت أمارس الرياضة والعمل، وحالتي جيدة، و-الحمد لله- أوقفت الدواء، وعدت لحياتي، ولكن بعد فترة قصيرة حصلت أحداث مروعة في بلدي، وخفت وقلقت على أهلي، ولكن مضت الأمور بسلام.
كنت أعيش القلق والخوف بدرجات متوسطة، وتنتابني نوبات بين الحين والآخر، قررت التواصل مع معالجة نفسية، وفعلا بدأت معها، وفي الفترة الأولى بدأت أتحسن، ثم بعدها بدأ مزاجي يتقلب، ففي أسبوع أحس بأعراض اكتئاب وقلق وخوف، وبعدها أحس بارتياح غير طبيعي وراحة وصفاء الذهن، وهكذا تتوالى الأيام والأسابيع، حتى أصبحت أشك في نفسي وفي صوابي، تارة أظن أنني مصاب باضطراب ثنائي القطب، وتارة بالقلق، مع العلم أنني أتابع حياتي، ولكنني غير مرتاح.
الغربة صعبة، وهي ما تزيد الوضع سوءا والإحساس بفقدان الأمان، ولكن علي المواصلة، فأرجو منكم النصيحة.
ولكم الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أولا: أحمد الله تعالى -أخي الفاضل- إن كنت توقفت عن شرب الكحول، وأرجو ألا تعود إليه، فهو باب للشر، وكما نعلم أنها أم الخبائث (هذه الخمرة) فهي ليست فقط تسبب الصعوبات النفسية والأسرية والاجتماعية، إلا إنها يمكن أن تضر الجسد والدماغ، طبعا هذا كله مع غضب الله عز وجل، فهو من المحرمات، فإن كنت توقفت عن هذا، وكما فهمت من سؤالك، فأحمد الله تعالى لك على هذا.
الأمر الثاني -أخي الفاضل-: أن الغربة صحيح أنها صعبة جدا، وقد ورد في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى نهمته فليعجل إلى أهله، وخاصة مع ما تعرضت له، سواء الزلزال الذي حصل في البلاد، أو الأحداث المقلقة التي حدثت فيما بعد -كما ورد في سؤالك- أمور مخيفة قلقت فيها على أسرتك.
جيد -أخي الفاضل- أنك ذهبت إلى الطبيب النفسي، وشخص عندك نوبات الهلع، والجيد أنك التزمت بالعلاج الدوائي، وتحسنت الأمور بناء على هذا العلاج، فهذا أمر طيب.
غير ذلك -أخي الفاضل- ذكرت أنك تواصل الجلسات العلاجية مع المعالجة النفسية، فهذا أمر طيب، ولكنك تشعر بتقلب المزاج.
أخي الفاضل: اضطراب ثنائي القطب ليس عبارة عن تقلب المزاج أسبوعا أو أسبوعين، بل هو أمر آخر، ونصيحتي طالما أنك غير متأكد، لماذا لا نذهب الشك باليقين؟ بأن تعود إلى الطبيب النفسي أو غيره، ليقوم بإعادة التقييم، فأحيانا يمكن أن تبدأ معاناة الإنسان بنوبات هلع -كالتي وصفت في سؤالك- والتي استجابت للعلاج، إلا إنها تكون بداية لاضطراب آخر، كاضطراب الاكتئاب أو غيره.
لذلك دعنا -أخي الفاضل- نقطع الشك باليقين، فهناك أسئلة كثيرة علينا أن نطرحها قبل أن نفيدك في وضع التشخيص الدقيق، فطالما أنك -وكما ورد في سؤالك- أحيانا تكون صافي الذهن، وأحيانا تكون في حالة من انزعاج المزاج، فهذا له عدة احتمالات، فلماذا لا نعيد التقييم النفسي مع الطبيب؟ فليس من رأى كمن سمع وجها لوجه، فإذا وضع لك التشخيص، أكيد سيصف لك الخطة العلاجية، لتكون في حالة أفضل مما أنت عليه.
أشد على يدك في فعل هذا، وخاصة أنك شاب في الثانية والثلاثين من العمر، وتعمل محاسبا، فهذه الأمور تستدعي منك أن تكون مطمئنا لحياتك بجوانبها المختلفة، وكنت حقيقة أتمنى أيضا لو كنت ذكرت لنا شيئا عن حياتك الأسرية وطبيعتها، فهذا أيضا يمكن أن يفيدنا في وضع التشخيص الدقيق.
أرجو ألا تتردد أو تتأخر في مراجعة الطبيب النفسي، ولا بأس أن تناقش هذا مع المعالجة النفسية إذا كنت ما زلت تتابع معها.
أدعو الله تعالى لك بتمام الصحة والعافية، وأن يثبتك على الطريق المستقيم، ولا تنسانا -أخي الفاضل- من دعوة في ظهر الغيب.