تغيرت مخطوبتي بسبب المشاكل المالية، فهل أكمل معها؟

0 5

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي مشكلة مع خطيبتي، عندما تقدمت لخطبتها، كانت لدي شقة بنظام التمويل العقاري من البنك، ولكن بعد الخطبة بشهر، لم تكتمل الإجراءات الخاصة بالشقة بسبب ارتفاع الأسعار، وعدم تمكني من إيجاد بديل مناسب.

كما أن والدي توفي فجأة، وكان عليه مبلغ مالي، وبصفتي الابن الأكبر، بدأت بسداد هذا المبلغ على أقساط، بالإضافة إلى ذلك، أصبحت مسؤولا عن والدتي وأخواتي البنات.

منذ ذلك الوقت، لاحظت أن خطيبتي تغيرت معي، وبدأ يظهر الإهمال في العلاقة، لم تعد تتحدث معي كثيرا، وأصبح الحديث مقتصرا على الأسئلة الضرورية فقط، حاولت أن أشرح لها أن الأمر خارج عن إرادتي، وأنني أبذل قصارى جهدي لإيجاد حل، لكن لم أجد منها أي تجاوب، بدأت أفقد الشغف تجاه العلاقة، وأشعر بالحيرة.

أرجو منكم النصيحة، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونسأل الله أن يرحم والدك ويرحم أموتانا وأموات المسلمين، وأن يرحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أرجو أن تتفهم هذه المخطوبة (الفتاة) هذه الظروف التي تمر عليك، فهكذا الدنيا تتقلب بأهلها، يوم لك ويوم عليك، وكما قال الشاعر:
جبلت على كدر وأنت تريدها *** صفوا من الآلام والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** متطلب في الماء جذوة نار

والمؤمن حقا هو الذي إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يرزقنا جميعا الصبر على القضاء، وأن يعيننا على شكر النعماء، وما أكثر النعم التي نتقلب فيها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الوفاء للوالدة وإخوانك؛ فإن هذا لون من البر، الوفاء للوالد والإخوة والأخوات من بعده، هو لون من البر للوالد، نسأل الله أن يعينك على استدامة هذا البر.

وأرجو أن تتفاهم مع الزوجة، وتذكر لها هذه المعاني، وتربطها بالله -تبارك وتعالى- وبعد ذلك يجب أن تعلم أنه ليس بيدك شيء من الأمر، فالأمر لله -تبارك وتعالى- من قبل ومن بعد، وهذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.

ولا تستعجل الحكم عليها، ولكن قم بما عليك، لا تكلف نفسك ما لا تطيق، كن واضحا معها في مثل هذه الأمور، وضح لها أن الأمور تغيرت، وأن هذا هو الوضع، وعليك أن تعلم وعليها أن تعلم أن فترة الخطبة هي فترة للتجربة؛ حتى يفهم كل طرف الطرف الآخر، ومن حق كل طرف أن يكمل أو لا يكمل، فالأمر لا ينبغي أن يأخذ أكبر من حجمه، وعليها أن تتفهم هذه الأمور، ولكن أيضا لا تستعجل في الحكم عليها؛ فإن بعض الناس يحتاج إلى وقت حتى يستوعب مثل هذه الأمور.

نسأل الله أن يعينكم على الخير، وحاول أن تؤدي ما عليك بما تستطيعه، واعلم أن الوالدة لها حق عظيم وكذلك الوالد، والأخوات، وأيضا هذه الفتاة إذا أصبحت زوجة فستكون لها حقوق، والموازنة بين حقوق الزوجة وحقوق الوالدة وحقوق الأخوات، هذه من الأمور الشرعية التي يجب أن يراعيها الإنسان وفق أحكام هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تعالى به.

وأعتقد أنك في مرحلة الخطبة، وأمامك فرصة من أجل أن تنجلي هذه الغمة، ومن أجل أن يفهم كل طرف الطرف الآخر، ولا نريد أن تكون الأموال هي المقياس لاستمرار الحياة أو استمرار هذا المشروع من عدمه؛ لأن ما بينكم أغلى من الأموال، ونسأل الله أن يعينها على تفهم هذه المعاني.

وعموما عندما يريد الإنسان اتخاذ قرار، لابد أن يستخير ويستشير -ونحن نشكر تواصلك مع موقعك عبر هذه الاستشارة-، وأيضا الإنسان عليه أن ينظر في مآلات الأمور وعواقبها، والخيارات المتاحة أمامه، والفرص المتاحة، وينظر إلى المخطوبة أيضا نظرة شاملة لدينها، وأخلاقها، وأسرتها، والإيجابيات التي فيها، والنقائص التي فيها، ثم بعد ذلك ندرك أننا بشر، والنقص يطاردنا رجالا ونساء، من الذي ما ساء قط، ومن له الحسنى فقط؟

فالمطلوب أن تكون عندنا هذه الواقعية، وأن يتفهم كل إنسان نقاط القوة ونقاط الضعف في الطرف الآخر، وبعد ذلك يبني على الإيجابيات، ويحمد الله عليها ويضخمها، ويحاول أن يغير السلبيات أو يتعايش معها إذا صعب التغيير، مع القناعة أن الإنسان لا يخلو من العيوب، ولا يخلو من النقائص، قال عليه الصلاة والسلام: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر، وكذلك الأمر يقال للمرأة: إن كرهت من زوجها جانبا، فإنها سترضى بجوانب أخرى.
ومن الذي ترضى سجاياه كلها ** كفى المرء نبلا أن تعد معايبه

نسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، والذي نطلبه منك أن تتصرف بحكمة وهدوء، لتتخذ القرار الصحيح وفي الوقت الصحيح.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات