نجوت من حادث سيارة ولم أنج من تبعاته من خوف وهلع!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة منذ سنتين، وأم لطفل صغير، في العام الماضي، تعرضت لحادث سيارة، والحمد لله نجانا الله من كل سوء، بعد الحادث بشهر أو شهرين، بدأت أشعر يوميا في المساء بضيق في الصدر وحسرة.

في البداية لم أعر الأمر اهتماما، وكنت كلما شعرت بذلك أخرج قليلا من المنزل، ومع الوقت كنت أتحسن، لكن مع مرور الأيام والشهور، بدأ هذا الشعور يزداد، أحيانا يأتيني صباحا، وأحيانا مساء، أحيانا لا أستطيع النوم ليلا، وأحيانا تراودني وساوس بأنني سأموت.

مع دخول شهر رمضان، ساءت حالتي أكثر، فظن زوجي أنني بحاجة إلى رقية شرعية، استدعينا راقيا إلى المنزل، وقال إنني بخير، ثم أخذني إلى راق آخر، فقال إنني مصابة بعين متراكمة.

بدأنا نشغل الرقية الشرعية يوميا في المنزل، وكنت أداوم على قراءة سورة البقرة، تحسنت قليلا، لكن بعد حوالي شهرين توفي أحد أفراد العائلة، فعادت لي الأعراض مجددا، وبدأت أعاني من قلق شديد دون سبب واضح، هذا الشعور أقلقني كثيرا، وأصبحت مكتئبة تقريبا طوال اليوم.

أنام وأنا أشعر به، وأستيقظ كذلك، وغالبا لا يأتيني النوم إلا في ساعات متأخرة من الليل، فقدت الشغف في القيام بأي شيء.

بعد معاناة طويلة، اقترحت على زوجي أن يرافقني إلى طبيب نفسي، وبعد محاولات عدة وافق، وأخذني إلى طبيب مختص، شخص حالتي بأنها نوبات هلع ناتجة عن الصدمات، ووصف لي ثلاثة أدوية:

- Paroxétine 10 mg: جرعة واحدة ليلا
- Clorazépate dipotassique 5 mg: جرعة واحدة ليلا
- Chlorhydrate de propranolol 10 mg: جرعة صباحا وأخرى ليلا

رفضت تناول الأدوية تماما، وأخبرته أنني بحاجة إلى جلسات نفسية وعلاج سلوكي معرفي دون أدوية، لكنه قال إن الدواء ضروري لتجاوز الصدمة، وأنا متخوفة جدا من الأدوية، اشتريتها منذ أسبوع ولم أتناولها بعد، ما زلت قلقة من آثارها الجانبية، ومن احتمال الانتكاسة بعد التوقف عنها، أو الإدمان عليها.

إحدى صديقاتي نصحتني بعدم تناولها، وأن أتابع مع معالج نفسي، وللأسف؛ فالمنطقة التي أعيش فيها لا يوجد بها أي معالج نفسي، وظروفي لا تسمح لي بالسفر بعيدا، والطبيب الذي زرته طمأنني بفعالية الدواء، وأكد أن الجرعات صغيرة جدا، وأنني سأتناولها لمدة شهر فقط، وحدد لي موعدا بعد شهر.

لكنني ما زلت مترددة وغير مقتنعة، أرجو منك يا دكتور أن تنصحني، وأن تمنحني جرعة أمل، فهل هناك حالات مثل حالتي تماثلت للشفاء تماما؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

موضوعك في غاية البساطة بفضل الله؛ فالذي حدث لك هو نوع مما نسميه عدم القدرة على التكيف مع حدث حياتي معين، فأنت تعرضت لحادث السيارة – والحمد لله ربنا سلم– وبعد ذلك حادث الوفاة، وعدم القدرة على التكيف هذا ظهر في شكل أعراض قلقية تتسم بوجود مخاوف ونوبة هرع - أو هلع أو فزع- كما ذكر لك الطبيب.

هذه تعتبر ظواهر وليست أمراضا حقيقية، وسببها أنه في الأصل لديك استعداد لمثل هذه الانفعالات السلبية البسيطة، وهذا ليس دليلا أبدا على ضعف في شخصيتك أو اضطراب فيها، لكن الناس يتفاوتون في درجة تحملهم للأحداث الحياتية، وهذه الأعراض تنتهي بمرور الزمن ولا شك في ذلك.

أيتها الأخت الكريمة: أرجو أن تطمئني تماما، أن هذه حالة عرضية، و-إن شاء الله تعالى- سوف تختفي، لكن أتفق مع الطبيبة تماما في أن تناول دواء بسيط ولفترة محدودة؛ هذا قد يكون هو الحل الأمثل؛ لأن النظريات العلمية الرصينة والموثقة تقول إن هذه الحالات -بجانب الاستعداد النفسي- يوجد فيها تغير بيولوجي -أو كيميائي- بسيط فيما يعرف بالموصلات العصبية في الدماغ، خاصة في مادة السيروتونين، وهذا التغير البسيط لا يمكن قياسه في أثناء الحياة، وبناء على هذه الفرضية الحمد الله تعالى سخر الله العلماء فاكتشفوا أدوية مفيدة جدا.

فأنا حقيقة أدعوك لتناول عقار الباروكسيتين، ولا داعي للدواءين الآخرين، الباروكسيتين دواء جيد وفعال، وجرعته بسيطة جدا:
• ابدئي بجرعة (10 ملغ) يوميا لمدة أسبوعين.
• بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى (20 ملغ) يوميا لمدة أسبوعين آخرين، علما بأن الجرعة القصوى أو الكلية هي (60 ملغ)، لكنك لا تحتاجين لهذه الجرعة العالية نسبيا.
• ثم خفضي الجرعة إلى (10 ملغ) يوميا لمدة شهر.
• ثم بعد ذلك (10 ملغ) يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الباروكسيتين.

هذه طريقة ممتازة وبسيطة جدا لدواء فعال، لكن لا بد أن يكون هناك تدرج في تناول الدواء، وكذلك في التوقف عنه.

ولا داعي للأدوية الأخرى، بالرغم من أنها معروفة بفعاليتها في مثل حالتك، لكن أعتقد أن الباروكسيتين سيكون كافيا جدا، وهو غير إدماني، وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية.

أما بالنسبة للعلاج السلوكي المعرفي: الحمد لله، أنت بخير، أحسب أن لديك أسرة، ولديك الزوج الصالح، ورزقك الله بالذرية، فيجب أن تكوني دائما إيجابية في تفكيرك، ويجب أن تتجنبي السهر، وتحرصي على النوم الليلي المبكر، وتكوني نشطة في بيتك وفي تواصلك الاجتماعي، وتحرصي على العبادات، وأحسب أنك حريصة على ذلك، واجعلي لنفسك برنامجا يوميا لإدارة الوقت، هذا مهم جدا.

رياضة المشي أيضا مفيدة جدا، وكذلك تمارين الاسترخاء، مثل: تمارين التنفس المتدرج، وتمارين قبض العضلات وشدها ثم استرخائها؛ كلها ذات فائدة عظيمة جدا، ويمكنك تطبيقها بسهولة، وستجدين برامج كثيرة لها على اليوتيوب يمكنك الاستفادة منها.

هذا كل ما أريد أن أنصحك به، وحالتك بسيطة جدا، والحالة نعم هي مزعجة، لا ننكر ذلك أبدا، لكنها ليست خطيرة، ولا تندرج أبدا تحت الأمراض النفسية الشديدة أو حتى المتوسطة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات