السؤال
السلام عليكم.
سؤالي: هل الزواج نصيب أم اختيار؟ جاء لزميلتي خاطب، وقد سألت عنه واستخارت، ولكن بعض إخوتها أخافوها منه، والبعض الآخر طمأنها، وكانت تشعر بالتردد لتضارب الأجوبة، وبفعل نسائهم تم نشر الخبر قبل مجيئه.
هي تقول: عندما جاء لرؤيتها لم تكن على حقيقتها، ولا حتى شخصيتها، ولم تقبل بشروطه مثل قصر مدة الخطبة، والزواج بلا عرس؛ لأن لديه أولادا.
هي تقول: كانت هناك موافقة في النهاية على الشروط، لكنها لم تستطع قولها، حتى إنها من شدة توترها سألت كثيرا، وقالت أشياء لم تكن تريد أن تقولها، ولا تعلم لماذا؟
حتى إنها كانت تقول بأنه كان يتكلم، وأغلب كلامه لم أسمعه، فقد كنت سرحانة، وتقول إنه لم يرجع، وهل سبب ذلك لأنها رفضت شروطه، بمعنى أنها لو وافقت على شروطه فهل سيحدث نصيب؟ وهل النصيب يتغير حسب قرارنا وتصرفاتنا؟ وهل لو تصرفت بشكل أفضل لتزوجها، أم أن ذلك مكتوبا، ومهما عملت فلن يحدث؟ هي لا تستطيع أن تتخطى الموضوع.
هي تلوم نفسها، وتلوم إخوتها كثيرا؛ فهم شتتوها، ونشروا الخبر، ويحتمل أنها حسدت فألغي النصيب، فهل الحسد يلغي الموضوع؟ وهل يمكن لأحد من البشر أن يقف في نصيب أحد؟ ولماذا بعض الفتيات يتزوجن والبعض الآخر يتأخرن في الزواج؟ وهل من تزوجت قامت بأمور ساعدت على تزويجها؟
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرح حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: مما لا يخفى على المسلم والمسلمة وجوب الإيمان بالقدر، وأنه ركن من أركان الإيمان كما في حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وفيه: فقال جبريل فأخبرني عن الإيمان قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) رواه مسلم، وعن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:( إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة). رواه مسلم.
ثانيا: إن الزواج من ضمن قدر الله في الأزل، ومع ذلك فإن الله تعالى جعل لكل شيء سببا، وجعل للإنسان الاختيار، ومنها مسألة الزواج، فإن الإنسان مخير في هذه الأمور، وما يختاره الإنسان يكون موافقا لما قدره الله تعالى، ولا يقع شيء إلا بمشيئة الله تعالى، وفي الحديث يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) متفق عليه.
وإن جاءت صديقتك هواجس أن صرف الرجل عن الزواج بسبب العين والحسد، فقد يكون بسبب الحسد وقد لا يكون، ولكن عليها بالرضا بقدر الله، ولعل الله أن يهيئ لها الزواج، والأمور بيد الله تعالى.
ثالثا: ولعله ظن منها عدم الموافقة بسبب توترها، وسؤالها الكثير، وكونها لم تسمع أغلب كلامه، فكل هذه الأمور يمكن أنها جعلته يصرف النظر عن الزواج، ولكن لا بد من الاستفادة في الحياة من هذا الموقف خصوصا، فلا بد أن تكون مناقشة هذه الأمور التفصيلية بين المتقدم للزواج وبين أولياء البنت، بحيث إذا جاء وقت الخطبة يكون مقتصرا على النظرة الشرعية، ويكون قد تم الاتفاق على كل شيء يحتاج إليه، حتى لا يتكرر هذا المشهد مرة أخرى، ولا يحتاج إلى أن تلوم الفتاة نفسها، أو الندم الشديد، فكل شيء بقدر الله عز وجل، وقد نهي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المؤمن عن ذلك، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن (لو) تفتح عمل الشيطان). رواه مسلم.
رابعا: ومما يعالج الإنسان به نفسه ألا يقارن بينه وبين الآخرين بالنعم، ففي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله وسلم-: (انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم) متفق عليه.
وبخصوص السؤال الذي أوردته، وهو: لماذا بعض الفتيات يتزوجن والبعض الآخر يتأخرن في الزواج؟ فالله تعالى لا يسأل عما يفعل، وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى، ولعل الله أن يهيئ لها زوجا أصلح وأنسب؛ فالله لا يختار لعبده إلا الخير.
ختاما: أسأل الله أن يجبر بخاطرها، وأن يرزقها الزوج الصالح.