السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
أنا متزوجة منذ عشر سنوات، ولدي ولد، وأعاني من خلافات كثيرة مع زوجي، وللأسف نحن نسكن في بيت عائلة، واستحالة استمرار العشرة بيننا بسبب الضرر النفسي الواقع علي، وهو يرفض الإنجاب مرة أخرى نهائيا، وأنا أعيش تقريبا وحدي، وأتحمل مسؤولية البيت وابني، إذ لا يساهم إلا بالمصروفات فقط، كان يرغب في الزواج، ولم أرفض، بل قلت له: من حقك، ولكنني سأطلب الطلاق، لأنني لا أعيش حياة زوجية حقيقية.
لجأت إلى أهلي وأهله حتى يطلقني، لكنه لم يستمع لأحد، ولا يريد أن يطلق، ولا يوجد سبب واضح لذلك، وهو يعترف بأنه غير سعيد، ولا يحب العيش معنا، وقال لي: "أنا لن أجبرك على العيش معي غصبا عنك" أوضحت له أننا لا نستطيع الاستمرار في الخلاف، خاصة أن بيننا ولد، وأن الأفضل أن نفترق بالمعروف، ليعيش كل منا مرتاحا، لكنه لم ينفذ ذلك، وبدأ يضايقني في التصرفات، ويمنعني من الذهاب إلى الطبيب.
أنا لا أستطيع التعامل معه، ولا أتقبله نهائيا، وطلبت الطلاق بكل الطرق، لكنه يرفض، ومؤخرا كان رده: "افعلي ما تشائين، ارفعي دعوى طلاق أو خلع، كما تشائين"، مع العلم أن مشكلته ليست مالية إطلاقا.
لا أريد أن أرفع دعوى طلاق أو خلع، حرصا على عدم إيقاع الضرر بابني، كما أن دعوى الطلاق تتطلب وجود شهود وأدلة كثيرة، لا أستطيع توفيرها، وأنا لا أريد إيذاءه أو إيذاء ابني، فقط أريده أن يطلقني لأعيش في سلام، هل يقع علي إثم؟ أنا لا أتعامل معه تقريبا، وهو يرفض أن أذهب إلى الطبيب، فهل هذا من حقه؟
أستأذنكم أن ترسلوا لي حلا، مع العلم أن المشكلة مستمرة على هذا الوضع منذ شهر يونيو الماضي، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يهدي زوجك إلى أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.
ونتمنى أن تجدي من يخاطب زوجك من ناحية شرعية، بأن الأمر لا يمكن أن يقبل من الناحية الشرعية؛ لأن دستور الحياة الزوجية هو: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان}، فالإسلام يريد حياة زوجية تؤدى فيها الحقوق، أو يكون الحل بالفراق بإحسان، على ما يرضي الله تبارك وتعالى.
أما أن يكون الوضع بالطريقة المذكورة، فهذا لا يقبل من الناحية الشرعية، والأمر خطير، ونتمنى أن يكون ممن يخاف الله ويتقيه، ويستمع لكلام الشرع وتوجيهات أهل الشرع، وهذا الذي نقترحه لك، ولتكن البداية بالعقلاء من أهلك أو أهله، حتى يضعوا معه النقاط على الحروف.
وإذا أصر على أنه لا يريد أن يطلق، فلا بد أن يطالب بأن يقيم الحياة الزوجية على قواعدها وعلى أسسها الشرعية، وأنتم أيضا تشكرون له قيامه بالإنفاق وما عنده من إيجابيات، وأعتقد أن هذا مدخل مهم للحوار معه والدخول إلى قلبه، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكم على تجاوز هذه الصعاب.
وأيضا وجود هذا الطفل بينكم ينبغي أن يكون مصدرا لجمع وتأليف القلوب، والواضح أنه يقوم بالإنفاق، فهل رفضه لبقية الأمور لأسباب صحية؟ أم لأسباب عناد؟ هو يريد أن يتزوج وفي نفس الوقت يظهر أنه يقصر في الحقوق الشرعية الخاصة.
ولا شك أنك أعلم الناس بطريقة الدخول إلى نفسه وطريقة التعامل معه؛ ولذلك أرجو أن تتجنبوا العناد، ونحن ننصح من تواصلت معنا بأن تقوم بما عليها، تقوم بما عليها كاملا؛ لأن الحياة الزوجية عبادة لرب البرية، الذي يقصر من الزوجين يحاسبه الله، والذي يحسن من الزوجين يجازيه الله تبارك وتعالى، فلا تقصري وإن قصر، واجتهدي في إدخال العقلاء من أهلك وأهله، والذين يمكن أن يؤثروا عليه، خاصة من يتكلمون من الناحية الشرعية.
وعليه أن يعلم أن هذا الذي يحدث منه ظلم، سيحاسب عليه بين يدي الله -تبارك وتعالى-، وعليه كما قلنا: إما أن يقيم حياة متوازنة، وإلا يساعد في الوصول إلى طلاق ناجح، يضمن الاستقرار لهذا الابن الذي سيعيش بينكم حتى لو بعد الطلاق؛ لأن الحياة الزوجية تتوقف، لكن الوالدية تظل مستمرة ما دام هذا الطفل بينكم.
نسأل الله لنا ولكم وله التوفيق والسداد، وأن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.