بلغتُ حالةً من الحزن بسبب مشاكلي التي لا تتوقف، فما الحل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بلغت حالة من الحزن بسبب مشاكل لا تتوقف؛ لا أكاد أخرج من مشكلة حتى أدخل في أخرى، مشاكل لا تعد ولا تحصى: في العمل، في المنزل، مع المقربين، الكل ضدي.

وصلت إلى مرحلة الجنون، حتى إنني بدأت أتساءل: أين رحمة الله بعباده؟ لماذا خلقت؟ هل خلقت للتعاسة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جميلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا: أهلا بك -أختنا الكريمة- في الموقع، ونسأل الله أن يفرج همك ويشرح صدرك ويزيل عنك كل كرب.

ثانيا: ما تمرين به من مشاعر الحزن والضيق هو أمر طبيعي في حياة الإنسان، فالدنيا دار ابتلاء واختبار، وقد قال الله تعالى: {ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين} [البقرة:155].

والله تعالى وعدنا أن مع كل ضيق هناك فرج، فقال: {فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا} [الشرح:5-6]. فلك أن تلاحظي التكرار في الآية، وهو تأكيد على أن اليسر دائما يرافق العسر، وقال ﷺ: واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وأن النصر مع الصبر، وأن ‌الفرج ‌مع ‌الكرب، وأن مع العسر يسرا (رواه أحمد).

ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ‌لو ‌كان ‌الصبر ‌والشكر ‌بعيرين، ما باليت أيهما ركبت، وقال: فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة يجعل الله بعدها فرجا، وإنه لن يغلب ‌عسر ‌يسرين.

وكما أن النبي ﷺ يقول: عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له (رواه مسلم).

ثالثا: الابتلاء ليس دليلا على غضب الله، بل هو علامة على محبته لعبده، كما قال النبي ﷺ: إذا أحب الله قوما ابتلاهم (رواه الترمذي).

كما أن الابتلاء يطهر النفس ويرفع الدرجات، وهو فرصة للتقرب إلى الله بالدعاء والصبر، ولا ننسى أن التوكل على الله هو مصدر القوة والطمأنينة، كما قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق:3].

ومما ينسب للإمام الشافعي قوله:
دع الأيام تفعل ما تشاء *** وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي *** فما لحوادث الدنيا بقاء

رابعا: خطوات عملية للتعامل مع الضغوط النفسية:
• حافظي على الصلاة في وقتها، فهي صلة بينك وبين الله.
• أكثري من قراءة القرآن، فهو شفاء للقلوب، كما قال الله: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء:82].

• عليك بالدعاء خصوصا دعاء النبي ﷺ: اللهم إني عبدك ‌ابن ‌عبدك ‌ابن ‌أمتك، ‌ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي فإنه ما قاله أحد قط إذا أصابه هم أو حزن إلا أذهب الله همه، وأبدله مكان حزنه فرحا. (رواه ابن حبان).

• اكتبي يوميا ثلاث نعم أنعم الله بها عليك، فهذا يعزز شعورك بالامتنان ويخفف من وطأة الحزن.
• لا تترددي في الحديث مع شخص تثقين به عن مشاعرك، سواء صديقة أو مستشارة نفسية.
• تذكري أن النبي ﷺ شبه المسلمين بالجسد الواحد، حيث قال: مثل ‌المؤمنين ‌في ‌توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (رواه مسلم).

• احرصي على تناول غذاء صحي وممارسة الرياضة بانتظام، فالجسد السليم يعين على صفاء الذهن.
• خصصي وقتا يوميا للتفكر بالنعم والذكر، مثل قول "سبحان الله" و"الحمد لله" و"الله أكبر".
• إذا شعرت أن الحزن يسيطر عليك بشكل كبير، فلا تترددي في استشارة مختصة نفسية لأجل العلاج، كما قال النبي ﷺ: ‌تداووا ‌عباد ‌الله، فإن الله لم يضع داء إلا وضع معه شفاء (رواه أحمد وابن ماجه).

• الإسلام ينظر إلى الإنسان ككيان متكامل، ويحث على العناية بالروح من خلال العبادات، وبالجسد من خلال التغذية والراحة.
• يمكن استخدام مفهوم "التوكل" لإعادة صياغة الأفكار السلبية، فعلى سبيل المثال: إذا شعرت بالإحباط ذكري نفسك بأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وأن كل تحد هو فرصة للنمو.

• تذكري أن الله يختار لنا ما هو خير، حتى وإن لم ندرك ذلك في اللحظة الحالية.
• تذكري دائما: {إن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا}.
• تذكري أن الله أرحم بك من نفسك، وأنه لا يبتليك إلا ليطهرك ويرفع درجتك.
• اسألي الله أن يبدل حزنك فرحا، وهمك فرجا، وأن يرزقك الصبر والرضا.

اللهم يا مفرج الكروب، ويا كاشف الهموم، فرج هم أختنا، واملأ قلبها بالسكينة والطمأنينة، وارزقها من حيث لا تحتسب، آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات