السؤال
أنا فتاة،أصبت بمرض مناعي عصبي يدعى التصلب اللويحي، وقد تركني خاطبي بعد تشخيص حالتي، رغم أنني -والحمد لله- بصحة جيدة، ولا أعاني من أي إعاقة، وأمارس حياتي بشكل طبيعي.
الآن، إذا تقدم أحد لخطبتي، لا أعلم: هل أخبره عن المرض في الرؤية الشرعية أم بعد الخطبة؟
المشكلة أن الكثيرين يجهلون طبيعة هذا المرض، وهو يختلف من شخص لآخر في شدته وتطوره، وإذا قرأ أحد عنه عبر الإنترنت، فقد يخاف ويحجم عن إتمام الخطبة، رغم أن حالتي مستقرة، ولا تؤثر على حياتي اليومية.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه، وأن يعجل لك بالعافية والشفاء.
ونحب أولا -ابنتنا الكريمة- أن نؤكد لك أن كل ما يقدره الله تعالى للإنسان خير، ولو كره هذا الإنسان ذلك المقدور؛ فإن الله تعالى حكيم رحيم، لا يفعل شيئا عبثا، وقد يقدر على الإنسان شيئا يكرهه، لما يعلمه -سبحانه وتعالى- من العواقب والنتائج المحبوبة، وإن تأخر إدراك الإنسان لهذه الحقيقة، وقد قال الله في كتابه: ﴿وعسى أن تكرهوا۟ شيـئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا۟ شيئا وهو شر لكم وٱلله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ [البقرة: 216].
فكوني واثقة من أن الله تعالى رحيم بك، وأرحم بك من نفسك ومن أمك وأبيك، وأنه سيقدر لك الخير، فأحسني الظن به -سبحانه وتعالى-، وثقي بحسن تدبيره وتقديره، وخذي بالأسباب لدفع قدر الله تعالى المكروه؛ فالمرض قدر، ولكنه يدفع بالدواء، كما قال الرسول ﷺ: ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، فتداووا عباد الله.
وأما بشأن إخبار الخاطب بهذا المرض؛ فهذا يختلف باختلاف حال هذا المرض؛ فالعلماء يجعلون العيب الذي يجب إخبار الخاطب به، أنه العيب الذي ينفر الزوج من زوجته، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة؛ فالنكاح له مقاصد وأغراض، من هذه المقاصد: المتعة بين الزوجين، ومن هذه المقاصد: الإنجاب، ومن هذه المقاصد: قيام المرأة بخدمة زوجها فيما جرت به العادة والعرف.
فأي مرض يخل بهذه المقاصد؛ فإنه يجب إخبار الخاطب به، حتى يدخل الأمر على بصيرة، وفي هذا الإخبار قطع لأسباب النزاع، وتأمين لاستمرار هذا الزواج، كما أنه قيام بواجب الأمانة، وتجنب الغش.
أما إذا كان المرض لا يخل بشيء من هذه المقاصد التي ذكرناها؛ فإنه لا يلزم إخبار الزوج (الخاطب) به، ومع ذلك إذا خشي أن يكون كتم هذا المرض سببا للنزاع في المستقبل؛ فإن الأفضل والأولى بيانه وإيضاحه قبل ذلك، فالزواج عشرة مستديمة، يقصد لبقائه ودوامه، وذلك لما في الفراق بعد الزواج من أضرار ومفاسد تقع على كلا الزوجين، وعلى الأولاد إذا حصل هناك أولاد.
بهذا نرجو -إن شاء الله- أن تكون الأمور قد اتضحت لديك في شأن الإخبار بهذا المرض، أما الوقت الذي يخبر فيه حين نقول يجب الإخبار به؛ فإن الواجب الإخبار به قبل الخطبة، حتى يقدم الخاطب على الخطبة وهو على بصيرة من أمره.
نسأل الله تعالى أن يقدر لنا ولك الخير حيث كان، وأن يصرف عنا وعنك كل شر ومكروه.