إخفاء الأمور الشخصية عن الأم، هل يعتبر من العقوق؟

0 3

السؤال

هل يعد إخفاء الأمور الشخصية عن الأم حراما إذا كان ذلك يسبب لها الحزن؟ مع العلم أن كشف هذه الأمور يسبب لي ضررا نفسيا كبيرا.

كنت دائما أحاول بر أمي بكل الطرق، وأسعى لتقديم المساعدة والنصيحة لها باستمرار، لكنني اكتشفت مؤخرا أن إخوتي يعتبرونني متكبرة، وقد أقنعوا أمي بذلك، هذا الأمر سبب لي ألما نفسيا شديدا، خاصة بعدما بدأت أمي تردد علي كلاما بأنني متكبرة، وأنني لا يعجبني شيء.

أفكر الآن في التوقف عن تقديم المساعدة أو النصيحة، إلا إذا طلبت مني ذلك بشكل مباشر، هل يعد هذا إثما؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رشا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أولا مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

‏قرأت رسالتك، والإشكالية التي تواجهك، وجوابي لك كالآتي:

أولا: الأصل أن علاقة الأولاد بالوالدين علاقة حميمة، وحتى في إخبارهم بالأمور الشخصية وما يعانوه، ولكن إذا كان الإخبار لهم وخاصة الأم لرقتها وحنانها يسبب لها الحزن والألم، فكتم هذه الأمور الشخصية يكون في هذه الحالة من البر والإحسان، ولاسيما أن إظهار هذه الأمور للأم يترتب عليه ضرر نفسي عليها، فلا بأس بعدم إظهار هذه الأمور الشخصية للوالدة.

‏ثانيا: ما ذكرتيه في تقديمك لأمك أنواع الخير والمساعدة والنصيحة بالتي أحسن؛ كل ذلك من البر والإحسان، وقد قال تعالى: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) [الإسراء:23]، وفي الحديث يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين)، رواه الترمذي. ولما جاء رجل، وقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي أو صحابتي؟ قال: أمك. قال، ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك)، متفق عليه.

‏ثالثا: ما ذكرتيه من كون إخوانك يصفونك بالمتكبرة، وأن كلامهم أثر على الوالدة، فصارت ترميك بهذه الصفة، فلا بد أولا أن تراجعي نفسك وتحاسبيها، فإن كان هناك أمور بسببها يصفونك بالمتكبرة، فاتركيها، وإن كان كلامهم جميعا ظلما، فادفعي بالتي أحسن، فهذه صفة المؤمنين، كما قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ۚ ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم*وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم*وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ۖ إنه هو السميع العليم) [سورة فصلت].

رابعا: أما تفكيرك أن تتوقفي عن مساعدة أمك، وعن نصيحتها بسبب أنها تأثرت بإخوانك، وبالتالي أساءت اليك؛ فهذا يعتبر عقوقا لا يرضاه الله تعالى، فاحذري ذلك.

خامسا: لا شك ولا ريب أن الإسلام بما فيه من معان عظيمة يأمر الوالدين بالخير والإحسان لأولادهم، كما أوجب على الأولاد بر الوالدين، فالحقوق متبادلة، فكل يقوم بحقوق الآخر، فالإسلام يربي الإنسان على أداء الحق في مقابل أخذ ما وجب على الآخرين، ومع هذا كله، فنصيحتي لك -البنت الصالحة- التسامح والتغافل عن أمك وإخوانك في إساءتهم والله تعالى يقول: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس ۗ والله يحب المحسنين [ال عمران:133]

فمن تعامل مع الآخرين كانوا أقارب أو أباعد بالحسنى والعفو؛ فإن الله تعالى يعوضه خيرا، ويخلف عليه بالخير، فتعاملي مع أمك بالتسامح والعفو والنفقة والمساعدة والبر والإحسان، وأجرك على الله، وسيبارك الله في عمرك ووظيفتك، وإذا وجدت عاقلا من الأقارب والأرحام، وله كلمة مسموعة بحيث ينصح الوالدة والإخوان، ويأمرهم بالإحسان إليك، لعل ذلك يكون خيرا إن شاء الله.

ونسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين أمك وإخوانك، وأن يصلح أحوالهم وأحوالك، يا رب العالمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات