دراسة الطب تلزمني بالكشف على النساء، فماذا أفعل؟

0 2

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في الصف الثالث الثانوي، أجتهد لأصبح طبيبا، لكنني مهموم، ففي بلادنا من المعروف أن الأطباء يكشفون على النساء، سواء في فترة التكليف في المستشفيات أو في العيادات، حيث تأتي النساء إلى الأطباء الرجال، فماذا أفعل -بارك الله فيكم-؟

كما أنني أعاني من كثرة المعاصي المنتشرة بين الناس، ويشق علي أن أنصح كل أحد بسبب الحرج، فما الذي يمكنني فعله؟

جزاكم الله خيرا، وكتب لكم الأجر، ورزقكم الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: أسأل الله أن يبارك فيك، وييسر لك أمورك، وأن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، وأن يوفقك لتحقيق طموحك النبيل في أن تصبح طبيبا.

إن سعيك لخدمة الناس من خلال مهنة الطب هو عمل عظيم، وهو من أعظم أبواب الخير التي يمكن أن يفتحها الله لعباده.

دعنا نفصل قليلا في موضوعك:
أولا: التعامل مع مسألة كشف الرجال على النساء في الطب، من المهم أن تعلم أن الإسلام دين يسر ورحمة، وقد وضع ضوابط واضحة للتعامل مع مثل هذه الأمور، في حالة الضرورة، يجوز للطبيب المسلم أن يعالج النساء، بشرط الالتزام بالضوابط الشرعية، ومنها:

1. أن تكون نيتك في هذا العمل خالصة لله تعالى، واحتسب الأجر في تخفيف آلام المرضى وخدمتهم، قال النبي ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" (رواه البخاري ومسلم).

2. إذا اضطررت للكشف على مريضة، فاحرص على أن يكون ذلك في وجود محرم لها أو ممرضة، وأن يكون الكشف في حدود الضرورة فقط.

3. إذا كنت تشعر بحرج كبير من التعامل مع النساء، يمكنك التفكير في التخصص في مجال طبي يقل فيه التعامل مع النساء، مثل الجراحة العامة، أو طب الأطفال، أو غيرها من التخصصات.

4. تذكر أن ديننا يحث على طلب العلم النافع، وأن الطب من العلوم التي يحتاجها المسلمون بشدة، قال النبي ﷺ: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما، سهل الله له به طريقا إلى الجنة" (رواه مسلم). يمكنك مراجعة هذه الفتوى 7764.

ثانيا: التعامل مع كثرة المعاصي والحرج من النصيحة: إن شعورك بالضيق من كثرة المعاصي حولك هو دليل على حياة قلبك، فالحمد لله الذي رزقك هذا الإحساس، ومع ذلك، هناك خطوات يمكنك اتباعها للتعامل مع هذا الأمر:

1. ابدأ بنفسك، قال الله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم" (المائدة:105)، ركز على إصلاح نفسك أولا، وكن قدوة حسنة للآخرين، قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر".

2. إذا رأيت معصية، فحاول أن تنصح بلطف وحكمة، دون أن تشعر بالحرج، قال النبي ﷺ: "الدين النصيحة" (رواه مسلم).

3. إذا لم تستطع نصح أحدهم مباشرة، فلا تنس أن تدعو له بالهداية، الدعاء سلاح المؤمن، وهو من أعظم وسائل الإصلاح.

4. لا تحاول أن تصلح كل شيء دفعة واحدة، ركز على الأمور التي تستطيع التأثير فيها، وابدأ بالأقرب إليك، فما لا يدرك كله، لا يترك جله، إذا لم تستطع تغيير كل شيء، فافعل ما تستطيع، والله يتولى الباقي.

5. إذا شعرت بالحرج من النصيحة المباشرة، يمكنك استخدام وسائل غير مباشرة، مثل إرسال رسالة، أو مشاركة مقطع فيديو مفيد، أو حتى الدعوة بالقدوة الصالحة.

ثالثا: بعض الخطوات العملية التي تعينك على مقصودك:
1. اجعل لك وردا يوميا من القرآن، وأكثر من الدعاء والاستغفار.

2. تعلم أحكام التعامل مع النساء في الطب؛ فهذا سيمنحك ثقة ووضوحا في المواقف العملية.

3. احرص على أن تكون محاطا بأصدقاء صالحين يعينونك على الخير.

4. خصص وقتا للعبادة والعمل الخيري بجانب دراستك.

5. إذا واجهتك مواقف صعبة، فلا تتردد في استشارة العلماء أو طلبة العلم.

تذكر أن الشعور بالحرج أو القلق من النصيحة أمر طبيعي، لكن يمكن التغلب عليه بالتدريب والممارسة، وأن التغيير يبدأ بخطوات صغيرة، وأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.

أسأل الله أن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك طبيبا نافعا لدينك وأمتك، وأن يرزقك الحكمة في التعامل مع الناس، لا تنس أن تحتسب الأجر في كل خطوة تخطوها، وأن تجعل هدفك دائما رضا الله.

وفقك الله.

مواد ذات صلة

الاستشارات