والدي رفض خاطبًا ملتزمًا بسبب لون بشرة أمه فكيف أقنعه؟

0 1

السؤال

السلام عليكم.

كنت أعمل في سوق تجاري، وكان يعمل معي أحد الإخوة الملتزمين، كان يراقبني من بعيد، ثم قرر أن يرسل صديقه لخطبتي، جاء صديقه بعد عام ليطلب يدي، وأخبر والدي أنه عندما رآني أول مرة لم يكن مستعدا ماديا للزواج، لكنه الآن مستعد، وقد وافق على جميع شروطي.

وافق والدي مبدئيا، وطلب منه إحضار عائلته للتحدث عن المهر، وتحديد موعد الزفاف، لكن المفاجأة كانت أن والدي بعد الاتفاق على كل شيء، قال لوالدتي أمامي: "لو تسمع أمي ستقول: قد أعطيت ابنتك للعبيد!" ثم جاء إلي وقال إن هذا الشاب لا يناسبني؛ لأن أمه سمراء البشرة، ولأن مستواه الدراسي أقل من مستواي، رغم أن الشاب حافظ لكتاب الله، ومثقف، وذو خلق، وقد أكمل دراسته في المعهد بعد أن توقف عنها لفترة.

قال لي والدي أمام والدتي وأختي إنه سيحترم قراري سواء بالقبول أو الرفض، فقلت له إنني سأفكر، وصليت استخارة، وشعرت براحة وطمأنينة لا أستطيع وصفها، لكن في اليوم التالي، خرج مع والدتي للتسوق، ثم اتصل بالخاطب وأخبره أن لا نصيب له عندنا.

عندما عاد، أخبرته أنني قررت الزواج منه، فقال لي إن القرار ليس بيدي، بل بيده هو، وإنه قد اتصل بالشاب وألغى الخطبة.

الخاطب يرغب في إعادة الخطبة، لكن والدي يتحدث بطريقة غريبة، مثل قوله: "عندما أجلس في مجلس ويسألني أحدهم: صهرك ماذا درس؟ ماذا أقول لهم؟" وقال لي: "أريد لك زوجا مكتفيا ماديا، لا زوجا بلا دراسة ولا مال."

والحقيقة أن الخاطب ميسور الحال، ومسؤول، ويستطيع أن يكرم زوجته، وقد سمعت ذلك من صديقه، ورأيته مرارا في العمل.

أنا في حيرة من أمري، وقلبي يحترق، فقد أحببته دون أن تكون بيننا أي علاقة، وأشعر أن رفض والدي له ليس فقط بسبب مستواه الدراسي، بل أيضا بسبب لون بشرة والدته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وأسأل الله أن يشرح صدرك، ويهدي قلبك، ويكتب لك الخير حيث كان، ويصرف عنك ما فيه شر، وأن يرزقك رضا والديك وحسن معاملتهما.

نستشعر حديثك وألمك، فالموقف الذي تعيشينه يحمل أبعادا متشابكة بين المشاعر، والخطبة، وأحكام الشرع، وضغوط المجتمع، ومخاوف الأب؛ ولذلك يحتاج إلى معالجة متوازنة تجمع بين فهم الحق، وحفظ الأسرة، ومنع التصادم.

لذا دعينا نجيبك من خلال ما يلي:

أولا: معيار الدين والخلق هو الأساس الشرعي، ثبت في الحديث الصحيح: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، فالشرع يقدم الدين والخلق على المظاهر، وعلى الشهادات، وعلى نظرة الناس، وما ذكرته عن الخاطب من حسن خلق، وحفظ للقرآن، ومسؤولية، واستقامة، يدل على توافر الأصل الذي يبنى عليه الزواج.

ومع ذلك، فإن بيان هذه الحقيقة يجب أن يكون من غير شد، ولا مواجهة مع الأب، بل بالأسلوب الرفيق الذي يذكره بأن الشرع قدم الدين على كل مظاهر الدنيا.

ثانيا: لون البشرة ليس سببا شرعيا للرفض: قال الله تعالى:﴿وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ۚ إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾، لكن العرف محكم، والبعض يرى هذا مانعا، لذا يجب أن يكون عرض المسألة على الأب بهدوء؛ لأن مواجهة مفاهيم اجتماعية متجذرة تحتاج حوارا هادئا لا صداما، وكذلك مسألة الشهادة العلمية، فإن لها دورا كذلك.

ثالثا: الاستخارة علامة توجه للخير: ما شعرت به من سكينة بعد الاستخارة له قيمة، لكنه لا يكفي وحده لاستكمال الطريق؛ فلا بد من الجمع بين الاستخارة، واتخاذ الأسباب، ومن أهم الأسباب إقناع الوالد بلا صدام.

الحديث مع الأب يمكن أن يبدأ بصوت هادئ: (يا أبي، أنا استخرت الله، وما وجدت في نفسي إلا طمأنينة، وأحب أن أسمع توجيهك، وأن ننظر معا للأمر دون استعجال)، بهذا الأسلوب يشعر الأب أنك لا تقفين ضده، بل تطلبين منه أن يكون شريكك في القرار.

مع العلم أن حرصه عليك كامل، وأن ضغط المجتمع قد يتأثر منه أولادك فيما بعد، لكن ما يطمئنك هو الاستخارة نفسها؛ لأنها لا تفضي إلا إلى الخير، فلو كان الشاب من قدرك فاطمئني، سيكون لك، وإن صرف عنك فاطمئني؛ لأن الله لن يصرف عنك إلا ما هو شر لك، ولعل الله ساعتها ادخر لك من هو خير، أو صرف عنك من الشر ما لا قبل لك به.

رابعا: خطوات عملية مع الحرص على عدم التصادم:

- اختاري وقتا مناسبا للحديث مع والدك، دون دموع أو توتر.

- ابدئي كلامك بالثناء على حرصه، فهذا يمهد قلبه لسماعك.

- اعرضي صفات الخاطب بهدوء، لا كدفاع، بل كتوضيح.

- اطلبي منه لقاء الخاطب مرة أخرى؛ لإعادة تقييمه.

- استعيني بشخص حكيم يسمعه والدك ليطمئن قلبه دون أن يشعر بأنك تضغطين عليه.

- كرري الدعاء في السجود وثلث الليل أن يقضي الله لك الخير.

- تجنبي أي كلمة أو نبرة تحمل معنى التحدي؛ فالكلمة التي تشعر الأب بأن مكانته محفوظة تغير كثيرا من الأمور.

- ثم الرضا بما يقدره الله لك من أمر، وأنت على ثقة بأن أقدار الله هي الخير لا محالة.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات