السؤال
السلام عليكم
زوجي يعمل في شركة من المنزل (أونلاين)؛ لأنها لا تمتلك مقرا في بلدنا، وفي الشركة يخصصون يوما في الأسبوع لعقد اجتماع عبر الفيديو كول، يتحدثون فيه مع بعضهم، ويلعبون بهدف الحفاظ على روح الفريق، ويشترط أن يحضره الجميع.
الفريق كله من النساء، ولا يوجد سوى رجل واحد، بالإضافة إلى زوجي، وطبعا يكون الكلام عاما، ولا يخلو من المزاح، أو الضحك، وإن كان بأدب، وخارج إطار العمل.
سؤالي: هل حضور زوجي لهذا الاجتماع حرام، أم لا؟ وهل حديثه مع زميلاته في الفريق، والضحك، أو اللعب الجماعي عبر الإنترنت أمر عادي؟ أنا أرى أن هذا يولد الألفة بينهم، ويكسر الحدود، وهو غير جائز شرعا، خاصة أن الشرع وضع ضوابط للتعامل بين الجنسين.
كما أنني عندما أرى زوجي يتحدث ويضحك، أو يلعب مع زميلاته ويستبيح ذلك -حتى لو كان شرطا-، أخاف أن يسقط من نظري؛ لأنني دائما أراه كبيرا في عيني، محترما وخلوقا، وهذه الصفة عندما تغيب عن الرجل -أيا كان- أشعر بالاشمئزاز منه، وأنا أحبه ولا أريد أن يسقط من نظري.
إضافة إلى ذلك: فإنني أغار عليه ولا أتقبل هذا الأمر، ويضايقني كثيرا حدوثه، وعندما أسمعه أشعر بالاختناق والضيق تجاه زوجي!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيرين .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يصلح زوجك، ويديم الألفة بينكما، ويعينك على الأخذ بأسباب استمرار المحبة، ويجنبكما نزغات الشيطان.
نحن نتفهم -ابنتنا الكريمة- مشاعر الغيرة التي تعيشينها، والضيق الذي تجدينه بسبب تصرفات زوجك التي وصفتها في سؤالك، ولكن ينبغي أن تكوني حكيمة في التعامل مع هذا الواقع، وألا تستسلمي لدافع الغيرة، فتستعجلي الشيء قبل أوانه، أو تقعي في إغضاب زوجك، مما يؤدي إلى فساد العلاقة بينك وبينه وتوترها، وهذا لا يعني ألا تنكري عليه ما قد يقع فيه من المنكرات، ولكننا ندعوك إلى مزيد من الصبر وضبط انفعالاتك، لتكون النتائج مثمرة ثمرة طيبة، فتحافظي على زوجك وتحافظي على أسرتك.
وأول الأمور التي ننصحك بها، أن تجاهدي نفسك ليكون إنكارك على زوجك وعدم رضاك بهذا الواقع، الدافع الأول له هو الدافع الشرعي، مخلصة في هذا النصح لزوجك لله تعالى، قاصدة النهي عن المنكر الذي قد يقع، أو الذي قد وقع بالفعل، فإخلاصك لهذه النية لله، وأن تجعلي هذا الدافع هو المحرك لسلوكك، هذه النية وهذا الإخلاص سيجعله الله تعالى سببا في التأثير على زوجك، التأثير الإيجابي الذي تحبين أن يقع ويكون، فأخلصي هذه النية أولا لله.
ثانيا: نوصيك بأن تحاولي معالجة الواقع بمعالجة أسبابه، وأهم هذه الأسباب ضعف الإيمان لدى زوجك، فإذا حاولت أن تعيني زوجك على تقوية إيمانه، فإن هذا الإيمان كلما قوي منع صاحبه من الوقوع في المحرمات، وقد قال الرسول ﷺ: الإيمان قيد الفتك هو الذي يقيد الإنسان ويمنعه من فعل المحرم.
فخذي بالأسباب التي تعالج إيمان زوجك وتزيده، وإن كانت في نظره بعيدة التأثير، لكنها ستؤثر لا محالة، فحاولي أن تحافظي على الجو الإيماني في البيت، بأن تذكري زوجك بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها وجماعة، وأن تحاولي أن تحثيه على التعرف على الرجال الصالحين، والناس الطيبين من الجيران، وفي المسجد، وعبر وسائل التواصل، فهذه كلها مؤثرات تؤثر على المستوى الإيماني لزوجك، وترقيه فيه.
ومن الوسائل في ترقية الإيمان وتقويته: الوعظ، فتحاولي أن تجعلي سماع المواعظ في البيت بحضور زوجك منهجا في حياتكم، المواعظ التي تذكر بالجنة والنار، ولقاء الله، والحساب والجزاء، والموت، وما في القبر من شدائد.
وحاولي أن تستعيني بالأشخاص الذين يتأثر بهم زوجك من الدعاة والعلماء، وأن يكون جهدك هذا في ظاهره غير مقصود به الزوج، فإذا عملت بهذه الأدوات، وهذه الأساليب فإنها ستؤثر لا شك في إصلاح قلب زوجك، وإذا صلح القلب صلحت معه سائر الأعمال.
ومن هذا الجهد الذي ينبغي أن تفعليه: النصح المباشر للزوج، بأن هذه الأجواء التي يدخلها الإنسان في أولها، وهي سليمة، قد تجره إلى ما لا تحمد عاقبته بعد ذلك، والنفس ضعيفة، والشيطان متربص بالإنسان، وأكثر وسيلة يمكن للشيطان أن يستغلها في التأثير على الإنسان علاقته بالنساء الأجانب، وقد حذر النبي ﷺ من هذه الفتنة أشد التحذير، فحاولي أن تذكري زوجك بهذا المعنى الشرعي المهم، وهو الحذر من أن يقع في شيء من خطوات الشيطان.
أما الحكم الشرعي في أن هذا حلال أو حرام، فهذا راجع إلى المحتوى الذي يقع، فالاختلاط بين الرجال والنساء باب فتنة، فإذا صاحبه كلام رقيق مما يؤدي إلى إثارة النفس والشهوات؛ فإن الأمر يشتد خطورة، ولكنا لا نستطيع الحكم مباشرة على هذه الواقعة بعينها أنها من جنس الحرام أو لا، ولكن هذه هي الضوابط العامة: أنه لا يجوز للرجل أن يتواصل بامرأة أجنبية -أو بنساء أجنبيات- بأي طريقة يكون فيها إثارة للشهوات من الكلام والمزاح، وغير ذلك.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك للخير، وأن يصلح زوجك، ويقر عينك بصلاحك وصلاحه وصلاح الأسرة.