القولون العصبي .. أعراضه وتأثيراته النفسية

3 968

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 25 سنة، من السودان، وزني 64 كيلو، وطولي 180 سم نحيل جدا.

أنا لدي متلازمة القولون العصبي منذ 3 سنوات، وأنا أحس بعدم راحة وثقل وانتفاخ في البطن وقلق وإحساس بالموت، أحيانا أذهب إلى المستشفى بأعراض القلق وضربات شديدة في القلب.

أعمل تحاليل للدم شاملة، وتحاليل للبراز، وتحاليل للقلب، ولكن لا أجد أي شيء، علما بأنني عملت هذه التحاليل أكثر من 8 مرات؛ حيث أن الطبيب دائما يقول لي ليس لديك أي مرض عضوي فقط هذه أوهام، كيف تكون أوهاما وأنا تعبان ومرهق؟

يصف لي الطبيب علاج القولون العصبي كوليفيرين (د) وأحس بعد كلامه بالراحة لمدة يومين ويعاود نفس الإحساس السابق مع أعراض جديدة، أنا أصبحت لا أقدر أن أكون وحدي، وأصبحت أخاف عندما أكون وحدي وقد أرهقت تكاليف العلاج جيبي، وأصبحت أنفق كل شهر في التحاليل جزءا كبيرا من راتبي.

مؤخرا ومنذ 3 أيام أحسست بتنميل في الرأس، وإحساس بكهرباء في الرأس، ودوخة، وإحساس بالوقوع، وتنميل في الأطراف والظهر، فهل لهذا الإحساس علاقة بالقولون العصبي؟

علما بأن إحساسي بنفس الأعراض المتزامنة معي منذ 3 سنوات لا زالت معي، وهي انتفاخ بعد الأكل، وتعب، وأحيانا نوبات قلق شديدة مع طعنات في القلب أو هو مرض في الدماغ؟

بارك الله فيكم الرجاء مساعدتي ولكم الشكر الجزيل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مجذوب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

فإن الوصف الذي ورد في رسالتك يشير بالفعل أنك تعاني من علة القولون العصبي، وهي علة مزعجة، ولكنها ليست خطيرة، يعرف عن أصحابها بأنهم يحسون بعدم الراحة وأعراض كثيرة متعلقة بالجهاز الهضمي، والبعض قد يشتكي من عسر في المزاج، كما أن الطاقات النفسية والجسدية تكون ليست على ما يرام، ويعرف عن مرضى القولون العصبي أنهم يترددون كثيرا على الأطباء، وبين التخصصات المختلفة.

أقول لك إن القولون العصبي يأتي تحت ما يسمى بالحالات أو الأمراض (النفسوجسدية) بمعنى أن الأعراض في معظمها جسدية، ولكن منشأها هو منشأ نفسي؛ ولذا استعملت كلمة (القولون العصبي) والعصبي ناتج من العصاب، والعصاب هو القلق والتوتر وربما شيء من الاكتئاب النفسي.

إذن هذه الأعراض التي تعاني منها هي قلق نفسي قد لا تحس به كقلق واضح، ولكن يأتيك في شكل هذه الأعراض الجسدية، واتضح أن القلق واضحا وجليا في حالتك بعد أن أصبحت تشعر بالتنميل في الرأس والإحساس بكهرباء في الرأس ودوخة وإحساس بأنك سوف تقع وكذلك تنميل في الأطراف والظهر.

أقول لك هذه الأعراض أيضا من صميم علة القلق النفسي، والقلق النفسي له مكون جسدي ومكون نفسي، وأنت يظهر أن المكون الجسدي يغلب على المكون النفسي.

وقد ختمت رسالتك بأنه يحدث لك انتفاخ بعد الأكل وأحيانا نوبات قلق شديدة مع طعنات في القلب، هذا ليس بمرض في الدماغ، بمعنى أنه ليس بمرض عضوي، ولكن علاقته بالدماغ يعتقد العلماء من الأطباء النفسيين أنه توجد بعض المتغيرات في إفراز مواد تسمى بالناقلات أو الموصلات العصبية، وهذه المواد موجودة في أماكن معينة في المخ، ولا يمكن فحصها في أثناء الحياة، من هذه المواد مادة تسمى بـ (سيروتونين Serotonin)، يعتقد أن الاضطراب في إفرازها هو الذي يؤدي إلى ظهور هذه الأعراض من قلق وتوتر، واضطراب هذه المواد أيضا يعتقد أنه يسبب نوبات الهرع والفزع وكذلك الوساوس والاكتئاب النفسي، إذن الصلة مع الدماغ هي هذه الصلة الكيميائية البيولوجية وليس أكثر من ذلك.

أرجو أن أكون قد أوضحت لك الجانب المهم في حالتك، وأنا على قناعة كاملة أن تفهم الإنسان لحالته يساعده كثيرا في علاجها.

هذا هو الجزء الأساسي في العلاج، والجزء الثاني والمهم جدا هو ألا تتردد كثيرا على الأطباء؛ لأن التردد كثيرا على الأطباء يزيد حقيقة مما يسمى بالمراء المرضي، أي أن الإنسان يشكو ويطمئن ثم تظهر لديه أعراض جديدة، ويبدأ في تفسيرات وتأويلات مختلفة.

أنا لا أتفق مع الطبيب الذي قال لك أنك تعاني من أوهام، فأنت لا تعاني من أوهام، أنت تعاني من حالة نفسية جسدية حقيقية، منشؤها القلق النفسي.

خط العلاج الثالث هو أن تمارس الرياضة، وممارسة الرياضة مهمة جدا، وأي نوع من الرياضة ممكن، كالمشي والجري ولعب كرة القدم وغيرها من الرياضات، وحقيقة أنا من السودان وقد سعدت كثيرا، وكنت في زيارة للخرطوم من وقت قريب، ولاحظت أن الناس على شارع النيل في الخرطوم وكذلك في الحدائق التي بالقرب من مطار الخرطوم، الناس أصبحوا يمارسون الرياضة بفعالية، هذه ثقافة جديدة، ثقافة مفيدة جدا، فأنا أؤكد لك أن الرياضة تقوي النفوس كما تقوي الأجسام، فكن حريصا عليها، وأعراض الجهاز الهضمي حقيقة تعالج بصورة جيدة مع ممارسة الرياضة.

بالنسبة للأطعمة، فأنا حقيقة لا أؤيد كثيرا هذه القائمة من أسماء الأطعمة التي تعتبر مثيرة للقولون وخلافه، أنا أقول لك: كل ما تستطيع وكل ما تحس أنه لا يؤدي إلى ضرر، بمعنى أن الإنسان هو طبيب نفسه في مثل هذه الحالات، أي تخير الطعام، فالإنسان يعرف الطعام الذي يضره ويعرف الطعام الذي يصلحه، والتجربة خير برهان، فقط أنصحك بشرب النعناع المغلي، المركز فهو يساعد كثيرا في أعراض القولون العصبي.

بالنسبة للعلاج الدوائي فإن هنالك دواء مفيدا وجيدا جدا يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريا أيضا (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline). وهو موجود في السودان، فأرجو أن تطلبه من الصيدلي تحت مسماه العلمي، وجرعته هي خمسون مليجراما، يوجد منتج مصري لا أذكر اسمه التجاري، المنتج الأصلي يعرف بزولفت، وهو مكلف بعض الشيء، لا أعرف إن كان موجودا بهذا المسمى في السودان أم لا، ولكنني متأكد من أن المنتج المصري موجود وهو جيد جدا.

تناوله بجرعة حبة واحدة (خمسين مليجراما) ليلا لمدة شهرين، ثم ارفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا وتناولها لمدة سنتين، وهذه ليست مدة طويلة أبدا.

بجانب السيرترالين هنالك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol) وهو أيضا متوفر في السودان، فأرجو أن تتناوله بجرعة نصف مليجرام (حبة واحدة) في الصباح لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر.

هذه هي الأدوية الرئيسية وهي أدوية نفسية حقيقة -أدوية لعلاج القلق والتوتر والاكتئاب- وقد وجد أنها مفيدة جدا في علاج مثل حالتك، وهي بفضل الله تعالى غير إدمانية وغير تعودية، وسوف تساعد إن شاء الله في تحسين شهيتك للطعام، وسوف تجد أن طاقاتك النفسية والجسدية قد بدأت في التحسن.

التحسن الحقيقي يظهر بعد أربعة إلى خمسة أسابيع من بداية تناول هذه الأدوية، أود أن أنبهك أن هذه الأدوية ليست مسكنات، ليست مهدئات، إنما هي علاج حقيقي.

يوجد دواء يعرف باسم (دسباتالين Duspataline)، هذا الدواء ليس دواء نفسيا، ولكنه يعرف بأنه جيد لعلاج التشنجات التي تحصل في القولون والانقباضات، فإذا شعرت بالألم الشديد فيمكنك أن تتناول الدسباتالين من وقت لآخر، وأنا على قناعة تامة بإذن الله تعالى أنك إذا تناولت السيرترالين والفلوناكسول ومارست الرياضة وأوقفت التردد الكثير على الأطباء وعشت حياتك بأمل ورجاء سوف لن تعاني إن شاء الله من هذه الأعراض.

ويمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات حول علاج القلق سلوكيا : (261371 - 263666 - 264992 - 265121 ).

أرجو أن نكون قد أوضحنا لك ما هو مفيد وما هو مطلوب، ونسأل الله أن يتقبل طاعتكم، ونسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات