السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
شكرا جزيلا على هذا الموقع الرائع الذي يفيد المسلمين في أنحاء العالم، وأخص بالشكر الدكتور محمد عبد العليم، أرجو من الله أن تكون بأحسن حال، وإني لسعيد جدا عندما أراك تقدم العلاج النافع للمرضى.
أما عن مشكلتي، فقد بدأت قبل خمس سنوات، وهي الخوف من المرض، وقد ذهبت إلى الطبيب وأجرى لي الفحوصات، وأخبرني بأنه لا يوجد لدي أي مرض، لكن بقي القلق والخوف من المرض والتفكير في الموت مستمرا؛ مما أثر على أدائي لواجباتي بالشكل الصحيح، واستمر التفكير السلبي في الاستحواذ علي، وأصبحت تأتيني أحلام مزعجة يوميا أثناء النوم، وعندما أتعرض لأي موقف أو مشكلة، أظل أفكر فيها طوال اليوم.
كما أصبحت مترددا في اتخاذ القرارات، وسريع الغضب، وسهل الاستثارة للغضب، ولم أعد أستمتع بالنعم التي أنعم الله بها علي، من شهادة، وعمل، وزوجة صالحة، وأطفال.
أريد علاجا يا دكتور، علما بأنني لم أستخدم أي دواء طوال هذه الفترة؛ بسبب ترددي وخوفي من الأدوية النفسية خشية الإدمان، لكنني بدأت مؤخرا باستخدام (الوديوم) بجرعة 10 ملغ، منذ أسبوع، وما زلت مستمرا عليه.
أنا إنسان طموح، وأريد أن أشق طريقي إلى الأمام، فجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكركم كثيرا على كلماتكم الطيبة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا، وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل.
الخوف من المرض هو نوع من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك، وهذا النوع من القلق لا شك أنه قلق مكتسب، ربما نتج من خبرات سابقة معينة، كأن يكون الإنسان كثير الاطلاع في الأمور الطبية، أو حين وفاة عزيز له كان يعاني من مرض معين وشيء من هذا القبيل، وهذه تعتبر مثيرات مهمة جدا في حياة الناس، وهي التي تؤدي إلى قلق المخاوف، خاصة فيما يخص الخوف من المرض والتفكير في الموت.
ومن الأشياء الهامة التي يجب أن أوضحها لك: أن الإنسان الناجح -مثل شخصك الكريم- يكون قد بذل جهودا كثيرة في بدايات حياته فيما يخص التحصيل العلمي والدراسي والنشاطات المختلفة، وبعد أن يصل إلى مرحلة معينة، خاصة حين يبدأ في العمل والوظيفة، ويحس بشيء من فقدان الدافعية، ويحس أنه لا يوجد تحد جديد، أو دافع جديد في حياته؛ هذا يؤدي إلى تراكم القلق؛ لأن القلق كان يستعمل في المرحلة الأولى بصورة إيجابية، وذلك من خلال استعمال هذا القلق من أجل المثابرة والدراسة والاجتهاد والنجاح، ولكن بعد أن يحقق الإنسان كل هذا ويصل إلى هذه المرامي، يحتقن لديه القلق ويتكون ويظل في حالة من الجمود، ويتحول إلى طاقة نفسية سلبية، وهذا شيء عجيب عن القلق، بمعنى أن القلق هو طاقة نفسية إيجابية ولكن يمكن أن يتحول إلى طاقة نفسية سلبية.
وللتخلص من هذا عليك باتباع الآتي:
- يجب أن تعيد تنظيم نمط حياتك بقدر المستطاع.
- أكثر من النشاطات الرياضية.
- أكثر من التواصل الاجتماعي.
- لابد أن تمارس الرياضة بصورة منتظمة، وتجعل لنفسك حصة جيدة في هذا الخصوص.
- إدارة الوقت بصورة جيدة أيضا تعطي الإنسان القدرة والدافعية لإدخال مهارات جديدة على حياته.
- لابد أن تبني دائما صورة إيجابية عن نفسك.
فأنت بفضل الله صاحب إنجازات، وكما ذكرت وتفضلت، فإن نعم الله عليك كثيرة، نسأل الله تعالى أن يديم علينا وعليك هذه النعم، وأن يجعلنا من الشاكرين عليها.
بالنسبة لفكرة الخوف والقلق، خاصة الخوف من الموت:
- يجب أن تحقر هذه الفكرة، الخوف من الموت أمر مقبول، لكن يجب ألا يتعدى هذا.
- تكوين الدافعية الإيجابية للإنسان لأن يتقي الله؛ ولأن يجهز نفسه ويتزود لما بعد الموت.
نحن نعرف أن القلق أو الخوف الذي لديك هو نوع من الخوف المرضي المكتسب، ولكنه من الدرجة البسيطة.
نصيحتي لك أن تذهب إلى الطبيب - طبيب الأسرة أو طبيب الباطنية الذي تثق فيه - مرة واحدة مثلا كل ستة أشهر؛ وذلك بهدف إجراء فحوصات طبية عامة والتأكد من وضعك الصحي، والذي أقصده: اذهب إلى الطبيب وأنت في أحسن حالاتك؛ لأن هذا يدعم حقيقة الصحة لدى الإنسان.
من ناحية العلاج الدوائي توجد أدوية فعالة وممتازة وجيدة لعلاج القلق وقلق المخاوف على وجه الخصوص، وأنت ذكرت أنك تستعمل الدواء الذي يسمى "الوديوم" بجرعة عشرة مليجرام؛ فهذا الدواء غير معروف لدي بهذا المسمى، وأعتقد أن المسمى هو اسم تجاري، وقد يكون منتجا محليا، أو تم استيراده من إحدى الدول، وعموما لو أطلعتني على الاسم العلمي، سوف أفيدك حول الدواء.
أما إذا أردت أن تنتقل إلى دواء آخر، فأنا أقول: إن أفضل الأدوية لعلاج مثل حالتك هو الدواء الذي يعرف تجاريا باسم (سبرالكس، Cipralex)، ويعرف علميا باسم (استالوبرام، Escitalopram)، وجرعة البداية هي عشرة مليجرامات ليلا.
يفضل تناولها بعد تناول الطعام، وتستمر عليها لمدة شهرين، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما ليلا وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرامات ليلا، وهذه هي الجرعة الوقائية، وتستمر عليها لمدة ستة أشهر أيضا.
بعد ذلك، تخفض الجرعة إلى خمسة مليجرامات (أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات) وتناول هذه الخمسة مليجرامات يوميا لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
العلاج البديل للسيبرالكس هو الدواء الذي يعرف تجاريا باسم (لوسترال، Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين، Sertraline)، وربما يحمل أسماء تجارية أخرى في العراق. هذا الدواء جرعته خمسون مليجراما ليلا بعد الأكل، تستمر عليها لمدة شهر، ثم ترفع إلى مائة مليجرام يوميا (أي حبتين في اليوم)، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة ليلا، أو بمعدل حبة في الصباح وحبة في المساء.
تستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة مرة أخرى إلى حبة واحدة ليلا، وتستمر عليها أيضا لمدة ستة أشهر. ثم خفض الجرعة إلى حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.
وهناك خيارات أخرى: مثل (سيروكسات، Seroxat) والذي يعرف علميا باسم (باروكستين، Paroxetine)، ومثل "فافرين" (Faverin) والذي يعرف علميا باسم (فلوفكسمين، Fluvoxamine)، كلها أدوية جيدة، ولكن الدواءين اللذين ذكرتهما لك هما من أكثر الأدوية تم بحثها في علاج قلق المخاوف، وبفضل الله كل هذه الأدوية أدوية سليمة، وغير إدمانية، وغير تعودية.
أنا على ثقة تامة أنك -إن شاء الله- سوف تكون على أحسن حال، وأرجو أن يتحول هذا القلق إلى قلق إيجابي، ونشكرك مرة أخرى على كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية، والتوفيق والسداد.