حكم تفويج المعتمرين لأداء المناسك بأقساط شهرية

0 354

السؤال

أعمل موظفا حكوميا وقد قمت بمبادرة شخصية من عندي بالاتفاق مع شركة للسفر بأن تقوم الشركة بتفويج المعتمرين للديار المقدسة في مكة والمدينة لأداء مناسك العمرة وبأقساط شهرية، وبضمانات إدارية ورسمية وقد منحتني الشركة امتياز السفر مجانا إذا جلبت عشرين موظفا للعمرة. فهل يجوز للموظفين السفر بالتقسيط وبنفس سعر السفر نقدا؟ وهل يجوز لي السفر على حساب الشركة نظرا لخدماتي ولجهودي في تفويج المعتمرين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي مسألة  تفويج الحجاج والمعتمرين مقابل أجرة مقسطة خلاف بين أهل العلم بسبب تأجيل الأجرة التي هي في مقابل منفعة مضمونة بالذمة، فمنهم من منع ذلك واشترط تعجيل الأجرة بمجلس العقد كالثمن في السلم ومنهم من أباح تأجيل الأجرة كلها أو بعضها.

 جاء في الموسوعة الفقهية بيان ذلك كما يلي: وقد اختلف الفقهاء في وجوب تسليم الأجرة فيها في مجلس العقد على أربعة أقوال :

( الأول ) : للحنفية ، فالأصل عندهم أن الأجر لا يلزم بالعقد ولا يملك، فلا يجب تسليمه به، بل بتعجيله أو شرطه في الإجارة المنجزة أو الاستيفاء للمنفعة أو تمكنه منه، وعلى ذلك لا يشترط قبض الأجر عندهم في صحة الإجارة ، قال ابن عابدين : لا يملك الأجر بالعقد ، لأنه وقع على المنفعة ، وهي تحدث شيئا فشيئا ، وشأن البدل أن يكون مقابلا للمبدل ، وحيث لا يمكن استيفاؤها حالا لا يلزم بدلها حالا ، إلا إذا شرطه ولو حكما ، بأن عجله لأنه صار ملتزما له بنفسه وأبطل المساواة التي اقتضاها العقد.

( والثاني ) : للمالكية، وهو أنه يجب لصحة إجارة الذمة تعجيل الأجرة ، لاستلزام التأخير تعمير الذمتين وبيع الكالئ بالكالئ ، وهو منهي عنه إلا إذا شرع المستأجر باستيفاء المنفعة ، كما لو ركب المستأجر الدابة الموصوفة في طريقه إلى المكان المشترط أن تحمله إليه ، فيجوز عندئذ تأخير الأجرة ، لانتفاء بيع المؤخر بالمؤخر ، حيث إن قبض أوائل المنفعة كقبض أواخرها ، فارتفع المانع من التأخير .

وقد اعتبر المالكية أن في حكم تعجيل الأجرة تأخيرها يومين أو ثلاثة ، لأن ما قارب الشيء يعطى حكمه ، كما في السلم، ولا فرق بين عقدها بلفظ الإجارة أو السلم .

( والثالث ) : للشافعية ، وهو أنه يشترط في صحة إجارة الذمة قبض المؤجر الأجرة في مجلس العقد ، كما اشترط قبض المسلم إليه رأس مال السلم في المجلس ، فإن تفرقا قبل القبض بطلت الإجارة ، لأن إجارة الذمة سلم في المنافع ، فكانت كالسلم في الأعيان ، سواء عقدت بلفظ الإجارة أو السلم.

( والرابع ) : للحنابلة ، وهو أن إجارة الموصوف في الذمة إذا جرت بلفظ " سلم " أو " سلف " - كأسلمتك هذا الدينار في منفعة دابة صفتها كذا وكذا لتحملني إلى مكان كذا ، أو في منفعة آدمي صفته كذا وكذا لبناء حائط صفته كذا مثلا - وقبل المؤجر ، فإنه يشترط لصحة إجارة الذمة عندئذ تسليم الأجرة في مجلس العقد ، لأنها بذلك تكون سلما في المنافع ، ولو لم تقبض قبل تفرق العاقدين لآل الأمر إلى بيع الدين بالدين ، وهو منهي عنه ، أما إذا لم تجر إجارة الذمة بلفظ " سلم " ولا " سلف " ، فلا يشترط تعجيل الأجرة في هذه الحالة ، لأنها لا تكون سلما ، فلا يلزم فيها شرطه)

وعلى القوال بجواز تأجيل الأجرة هنا فلا حرج في تقسيطها كلها أو بعضها، وكونها أكثر من أجرة المثل لا حرج فيه أيضا لأن الأجل له حصة من الثمن كما يقال، والمعتبر إنما هو تحديد الأجرة عند العقد وأن تكون غير قابلة للزيادة فيما لو تأخر سداد قسط ونحوه.

وأما تقديم تلك الخدمة وهي السمسرة بين الشركة وزبائنها مقابل تلك المنفعة المعلومة التي تبذلها لك وهي السفر معها مجانا فلا حرج فيها.

 قال الشربيني في مغني المحتاج: (ولو اعتاض عن منفعة بمنفعة جاز قطعا ).

 وقال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأسا.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة