دعوة الأم على ولدها في لحظة غضب

0 442

السؤال

والله أعلم كل العلم مدى أهمية رضا الوالدين وأن رضاهم من رضا الله، ولكن للأسف ولسوء حظي وباختصار أمي دعت علي بالكلمات التالية : الله لا يرضى عليك ، الله يغضب عليك دنيا وآخرة.
وقد كررت هذه الأدعية عدة مرات في نفس اللحظة، وأنا قلق جدا من هذا الدعاء، فلو دعت علي بشيء يضرني بالدنيا والله لاستحملته إلا غضب الله، فهل من الممكن أن يستجيب الله هذا الدعاء، وفي حال أنه استجيب فكيف يمكن أن يغضب الله علي أو لا يرضى علي بالرغم من أني لست بعاق وأطيعها بكل شيء، ولكن في لحظة غضب قالت هذا الشيء، وأنا أرى أني لا أستحق ما فعلته أمي، فالأمر لا يستحق أن تدعو علي. فما حكم ذلك؟ الرجاء الإجابة للضرورة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فدعوة الأم على ولدها من الدعوات المستجابة ، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده . رواه أبو داود والترمذي.

ولكن من فضل الله أن الدعاء الذي يصدر بغير قصد حال الغضب لا يستجاب، قال تعالى: ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم .{ يونس:11} 

 قال ابن كثير في تفسير هذه الآية :  يخبر تعالى عن حلمه ولطفه بعباده: أنه لا يستجيب لهم  إذا دعوا على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم في حال ضجرهم وغضبهم، وأنه يعلم منهم عدم القصد إلى إرادة ذلك، فلهذا لا يستجيب  لهم -والحالة هذه -لطفا ورحمة.

كما أن استجابة دعاء الأم على ولدها تكون عند ظلم ولدها لها أو عقوقها، قال ابن علان: ودعوة الوالد على ولده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه " دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (6 / 301). وقال المناوي : " وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق " التيسير بشرح الجامع الصغير ـ للمناوي - (1 / 950) وانظر الفتوى رقم : 65339.

لكن على الأم أن تجتنب مثل هذا الدعاء ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأولاد ، فعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ..لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم .." رواه مسلم في صحيحه.

وعلى كل حال فإن مسألة استجابة الدعاء علمها عند الله ، والذي ينبغي عليك أن تحذر من إغضاب أمك، وأن تحرص على برها وطاعتها في المعروف ، فإن حق الأم عظيم، فإذا تبت مما قصرت فيه من حقها، و قمت بما يجب عليك نحوها من البر والإحسان فأبشر خيرا وأحسن ظنك بالله فإنه عفو غفور ، قال تعالى : ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا { الإسراء:25}

قال القرطبي : "وقال ابن جبير : يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى : ( إن تكونوا صالحين ) أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة وقوله : ( فإنه كان للأوابين غفورا ) وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة " الجامع لأحكام القرآن - (10 / 246)

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة