حكم أخذ الوكيل من الصدقات وما يفعل إذا اختلطت بالزكوات

0 475

السؤال

لو سمحتم عندي عدة أسئلة السؤال الأول عندي امرأة قريبتي تجمع زكاة المال ومال الصدقات هي وصديقاتها و يوزعونها علي المحتاجين و المستحقين وهذا من عدة سنين , في العام الماضي مرت بضائقة مالية شديدة فأخذت من مال الزكاة فهل يجب إن ترجع هذا المال عندما يتيسر لها حتى إن كان من مال صدقة تحصلت عليها لها هي ؟؟؟السؤال الثاني يخص نفس المرأة عندها أبناء أخيها أيتام فلذا أنها تجمع مال الصدقات المخرجة باسم صدقة للأيتام وتضعه في حساب ادخار في المصرف , ولكن احدي اللواتي كانت تعطيها هذا الصدقات قالت لها إنها كانت تعطيها لتوزيعها لأكثر من عائلة من الأيتام فماذا تفعل وخاصة أنها لا تعرف أيتاما غير أبناء أخيها فهل تخرج المال و ترجعه لها ؟ السؤال الثالث عندها مجموعة من مال زكاة ومال صدقة اختلاط فلم تعد تعرف كم مبلغ الزكاة من الصدقة فماذا تفعل عند توزيعها علي المحتاجين؟؟؟؟؟وأخيرا ماذا المقصود من يقرض الله قرضا حسنا ؟؟ وهل يجوز أن يكون بالمال وكيف ذلك ؟؟؟وجزاكم الله ألف ألف خير عنا وبارك الله فيكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لتلك المرأة أن تأخذ مما وكلت في تفريقه من الزكوات من سهم العاملين على أنها عاملة عليها، فقد نص الفقهاء على أن صاحب الصدقة إذا لم يدفعها لولي الأمر ووكل غيره في تفرقتها أو تولى هو تفرقتها لم يجز له أن يأخذ منها باعتبار أنه عامل عليها، جاء في كشاف القناع من كتب الحنابلة: وليس لرب المال ولا لوكيله في تفرقتها أخذ نصيب العامل لكونه فعل وظيفة العامل على الزكاة ؛ لأن أداءها واجب عليه، فلا يأخذ في مقابلته عوضا ؛ ولأنه لا يسمى عاملا. اهـ. وانظري الفتوى رقم: 119228.

وأما إذا احتاج وكان من أهل الصدقة فقد تعددت أقوال الفقهاء فيمن وكل في الصدقة هل له أن يأخذ منها إذا كان محتاجا فمنهم من رأى أنه ليس له أن يأخذ منه ولو كان من أهل الصدقة وهذا مذهب الحنابلة، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف في باب الوكالة: لو أذن له أن يتصدق بمال: لم يجز له أن يأخذ منه لنفسه إذا كان من أهل الصدقة على الصحيح من المذهب... اهـ، ومثله ما جاء في كشاف القناع في باب الوكالة أيضا: ولو أذن له أن يتصدق بمال من دراهم أو غيرها لم يجز له أن يأخذ منه الوكيل لنفسه صدقة إذا كان من أهل الصدقة، ولا شيئا لأجل العمل لأن إطلاق لفظ الموكل ينصرف إلى دفعه إلى غيره وهل يجوز له أن يدفع منه لوالده وولده وزوجته؟ فيه وجهان، أولهما: جوازه، لدخولهم في عموم لفظه، قاله في المغني. اهـ

ورأى آخرون أنه يجوز للوكيل أن يأخذ من مال الصدقة إن كان من أهلها، قال الحطاب المالكي في مواهب الجليل:

من أعطيت له صدقة يفرقها أنه يجوز له أن يأخذ مقدار حظه إذا كان مسكينا، وهي مسألة فيها قولان... وفي رسم البرزلي من سماع ابن القاسم من كتاب البضائع والوكالات ابن رشد أجاز لمن بعث معه بمال في غزو أو حج ليفرقه على المنقطعين أن يأخذ منه إذا احتاج بالمعروف، والمعروف أن لا يحابي نفسه فيأخذ أكثر مما يعطي غيره، واستحب له إن وجد من يسلفه أن يتسلف ولا يأخذ منه شيئا، واستحب له إذا رجع أن يعلم ربه بذلك فإن لم يمضه وجب غرمه له، وإن فات ولم يمكنه إعلامه لم يكن عليه أن يتحاشى منه ؛ لأنه أجاز له الأخذ ابتداء. اهـ. وهذا القول هو المفتى به عندنا، فإذا كانت تلك المرأة من أهل الزكاة فلا حرج عليها في الأخذ من تلك الزكاة من غير محاباة ولا يلزمها الآن ردها.

وبخصوص صدقة الأيتام فالواجب عليها أن تدفع الصدقة لمن حددهم صاحب الصدقة بعين أو وصف، وإذا كانت لا تعلم أيتاما مستحقين للصدقة فلترد المال إلى أصحابه وهم يتولون إخراجه بأنفسهم، ولا حرج عليها في إعطاء أبناء أخيها إذا كانوا داخلين في الوصف الذي اشترطه صاحب الصدقة، ولكن تعطيهم بالمعروف ولا يجوز لها أن تحابيهم فتعطيهم أكثر مما يستحقون، أو أكثر من غيرهم كما مضى بيان المحاباة في كلام الحطاب رحمه الله فإن حابتهم وجب عليها إخبار صاحب الصدقة فإما أن يمضيها وإما أن يأمرها برد الزائد.

وأما اختلاط الزكاة بمال صدقة التطوع فالذي نراه أنه يتعين صرف القدر الذي تجزم أن الزكاة لا يزيد عليه إلى مصارف الزكاة ولو صرفت كل المال إلى مصارف الزكاة لم يكن في ذلك ضرر، لأن صدقة التطوع يجوز صرفها في مصارف الزكاة، بينما لا يجوز صرف الزكاة إلا في مصارفها الثمانية المبينة في الفتوى رقم: 27006، هذا إن تعذر تمييز المال بكل حال، وإننا ننصح تلك المرأة بأن لا تتولى في المستقبل جمع الزكاة والصدقات لأن مثل هذه الأعمال تحتاج إلى فقه وضبط وحسن تصرف ولذا اشترط الفقهاء فيمن يتولى جباية مثل هذه الأمور كالزكاة أو الخراج وغيره بعض الشروط كاشتراط كونه عالما بحكمها لئلا يأخذ غير الواجب أو يسقط واجبا، أو يدفع لغير المستحق أو يمنع مستحقا، وأنه لا يبعث إلا فقيه لأنه يحتاج إلى معرفة ما يؤخذ وما لا يؤخذ، ويحتاج إلى الاجتهاد فيما يعرض من مسائل الزكاة وأحكامها وأن يكون على دراسة بالحساب ونحو ذلك فالأمر خطير ولا يصلح أن يتولاه كل أحد.

وأما المقصود بقوله تعالى: من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا... {البقرة: 245} وما في معناها من الآيات فإن المقصود بالقرض هنا إنفاق المال في وجوه الخير، قال ابن العربي في أحكام القرآن: والمعنى من يقطع الله جزءا من ماله فيضاعف له ثوابه أضعافا كثيرة... جاء هذا الكلام في معرض الندب والتحضيض على إنفاق المال في ذات الله تعالى على الفقراء المحتاجين، وفي سبيل الله بنصرة الدين، وكنى الله سبحانه عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيبا في الصدقة، كما كنى عن المريض والجائع والعاطش بنفسه المقدسة عن النقائص والآلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى عبدي مرضت فلم تعدني، يقول: وكيف تمرض وأنت رب العالمين ؟ فيقول: مرض عبدي فلان ولو عدته لوجدتني عنده، ويقول: جاع عبدي فلان ولو أطعمته لوجدتني عنده، ويقول: عطش عبدي فلان ولو سقيته لوجدتني عنده. اهـ وقال القرطبي: القرض الحسن ما قصد به وجه الله تعالى خالصا من المال الطيب. اهـ

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة