مخالطة الناس أفضل أم اعتزالهم

0 315

السؤال

أريد أن أعرف هل توجد طريقة أو مكان يمكن أن أذهب إليه لأستطيع فيه الاعتكاف والتعبد ودراسة العلم واعتزال الناس طوال العمر ويا حبذا لو كان في مكة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإننا نشد على يديك في طلب العلم والتعبد، ولا ننصحك بالعزلة. واعتزالك الناس طول العمر قد لا يصلح لك، والعزلة لا تحمد لكل أحد، ولا في كل الأحوال، والإنسان يميل إلى مخالطة الناس بطبعه، والاختلاط بالناس في الخير وشهود الجمع والأعياد وحلق العلم والاستفادة من صحبة الصالحين كل هذا خير من العزلة والانفراد، وبعضه واجب كالجمع والجماعات. قال النووي: اعلم أن الاختلاط بالناس على الوجه الذي ذكرته ـ أي من شهود خيرهم دون شرهم، وسلامتهم من شره ـ هو المختار الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وكذلك الخلفاء الراشدون ومن بعدهم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء المسلمين وأخيارهم، وهو مذهب أكثر التابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر الفقهاء ـ رضي الله عنهم أجمعين. اهـ.

وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: المسلم إذا كان مخالطا الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم. رواه أحمد والترمذي واللفظ له.

جاء في الموسوعة الفقهية: إن المخالطة فيها اكتساب الفوائد، وشهود شعائر الإسلام، وتكثير سواد المسلمين وإيصال الخير إليهم ولو بعيادة المرضى وتشييع الجنائز وإفشاء السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى وإعانة المحتاج وحضور جماعاتهم وغير ذلك مما يقدر عليه كل أحد. اهـ.

والذي ينبغي اجتنابه هو فضول المخالطة، لأنها تفضي إلى تضييع الأوقات وربما الوقوع في المحرمات. جاء في الموسوعة الفقهية ـ أيضا: والمطلوب إنما هو ترك فضول الصحبة، لما في ذلك من شغل البال وتضييع الوقت عن المهمات ويجعل الاجتماع بمنزلة الاحتياج إلى الغداء والعشاء، فيقتصر منه على ما لا بد له منه فهو روح البدن والقلب.

قال الغزالي: إن وجدت جليسا يذكرك الله رؤيته وسيرته فالزمه ولا تفارقه، واغتنمه ولا تستحقره، فإنها غنيمة المؤمن وضالة المؤمن، وتحقق أن الجليس الصالح خير من الوحدة، وأن الوحدة خير من الجليس السوء. اهـ.

وعليه، فإننا ننصح الأخ السائل بمخالطة الناس على ما ذكرناه. وانظر الفتوى رقم: 32487، وفيها توجيهات مفيدة في طلب العلم. والفتوى رقم: 80659 بعنوان: طلب العلم لا يشترط له مكان معين. والفتوى رقم: 120323عن كيف يطلب المبتدئ العلم.

والله أعلم.


 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة