السبيل إلى عدم تكرار إغضاب الأم

0 307

السؤال

يوجد بيني وبين والدتي الكثير من الخلاف، وفي كل مرة أنوي التوقف عن إغضابها، ولكن يحدث أمر ما وأجد أن الأمور تصاعدت مرة أخرى، فهي تغضب وتثور كثيرا لأي شيء أفعله، مع العلم أنني لست قاصرا، ولا أستطيع تحمل غضبها، لأنه يؤذيني في نفسي ولا يريحني، الرجاء قولوا لي كيف أكفر عن ذنب إغضابي لأمي؟ وماذا أفعل؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن بر الأم من أوجب الواجبات، ومن أعظم القربات، ومن أهم أسباب رضا الله، كما أن عقوقها من أعظم الذنوب ومن أهم أسباب سخط الله، وقد أمرنا الله بمخاطبة الوالدين بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، ونهى عن زجرهما وإغلاظ القول لهما، قال تعالى: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا { الإسراء:23ـ24}.

قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما ويكنيهما، قال عطاء: وقال بن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله:  وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال بن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

فالواجب عليك اجتناب إغضاب أمك، والتوبة مما بدر منك نحوها وبذلك بالندم والعزم على عدم العود والاعتذار لأمك والسعي في إرضائها، وعليك مجاهدة نفسك والاستعانة بالله على ذلك وكثرة الدعاء والذكر، ولا تدعي للشيطان سبيلا ليخذلك ويوهن عزيمتك ويلقي اليأس في قلبك، واعلمي أن الأخلاق تكتسب بالتعود والتمرين فعن أبي الدرداء قال: العلم بالتعلم، والحلم بالتحلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتوق الشر يوقه. رواه الخطيب في تاريخه.

وإذا بذلت جهدك وحرصت على مرضاة أمك ثم غلبتك نفسك في بعض الأحوال وبدر منك ما يسيء إلى أمك فنرجو أن يكون ذلك مظنة العفو من الله، قال تعالى: ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورا {الإسراء:25}.

قال القرطبي: وقال ابن جبير: يريد البادرة التي تبدر كالفلتة والزلة تكون من الرجل إلى أبويه، أو أحدهما لا يريد بذلك بأسا، قال الله تعالى: إن تكونوا صالحين ـ أي صادقين في نية البر بالوالدين فإن الله يغفر البادرة وقوله: فإنه كان للأوابين غفورا ـ وعد بالغفران مع شرط الصلاح والأوبة بعد الأوبة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة