موقف العامي عند اختلاف العلماء

0 384

السؤال

لو سمحت يا شيخ قرأت من موقعكم هنا حكم النمص باستفاضة وأنه مختلف في أن اللعن يكون عند النتف فقط أم القص والحلق؟ وخلاصة سؤالي: هل إذا أخذت بالقول الذي يبيح القص ـ كمذهب أحمد بن حنبل ـ رحمه الله ـ كما ذكرتم علي إثم؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا اختلف العلماء، فإن على المسلم إن كان له نظر في الأدلة أن يتبع من أقوالهم ما كان أظهر صوابا وأرجح دليلا، مع ترك التعصب للأئمة والحذر من تقديم أقوالهم على نصوص الشرع، مع إنزالهم منزلتهم اللائقة بهم والاستفادة من اجتهاداتهم في فهم نصوص الشرع، والحذر من تتبع رخص الأقوال والترجيح بالتشهي بما يناسب هوى المستفتي، أما إن كان عاميا ليس له نظر في الأدلة ـ فعليه أن يستفتي من هو من أهل العلم والورع من غير ترخص، فإن أفتاه من استفتاه بما اختاره الإمام أحمد فله أن يعمل به، فلا شك أن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ ممن أجمعت الأمة على عدالته وإمامته، ومن كان كذلك فلا يأثم من قلده في فتواه من عامة الناس؛ لأن العامي ليس مؤهلا للنظر في أدلة أهل العلم ولا معرفة الأقوى منها، بل عليه سؤال أهل العلم وتقليدهم في فتاواهم، قال تعالى: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.{النحل:43}.

وقيل إن العامي لا بد له من التحري واتباع الأرجح كما قال الشاطبي ـ رحمه الله: لا يتخير، لأن في التخير إسقاط التكليف، ومتى خيرنا المقلدين في اتباع مذاهب العلماء لم يبق لهم مرجع إلا اتباع الشهوات والهوى في الاختيار، ولأن مبنى الشريعة على قول واحد، وهو حكم الله في ذلك الأمر، وذلك قياسا على المفتي، فإنه لا يحل له أن يأخذ بأي رأيين مختلفين دون النظر في الترجيح إجماعا، وذهب بعضهم إلى أن الترجيح يكون بالأشد احتياطا. اهـ 

وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب بعض الشافعية والحنابلة إلى أن العامي إذا اختلف عليه فتوى علماء عصره فهو مخير يأخذ بأيها شاء، قال الشوكاني: واستدلوا بإجماع الصحابة على عدم إنكار العمل بقول المفضول مع وجود الأفضل، وقيل: ليس هو على التخيير، بل لا بد من مرجح، وبه قال الحنفية والمالكية وأكثر الشافعية وأحمد في رواية وكثير من الفقهاء، ثم قد قيل: يأخذ بالأغلظ، وقيل: بالأخف، وقيل: بقول الأعلم، وقال الغزالي: يأخذ بقول أفضلهم عنده وأغلبهم صوابا في قلبه، وقد أيد الشاطبي القول الثاني من أن المقلد ليس على التخيير، قال: ليس للمقلد أن يتخير في الخلاف، لأن كل واحد من المفتين متبع لدليل عنده يقتضي ضد ما يقتضيه دليل صاحبه، فهما صاحبا دليلين متضادين، فاتباع أحدهما بالهوى اتباع للهوى، فليس إلا الترجيح بالأعلمية ونحوها، فكما يجب على المجتهد الترجيح، أو التوقف، فكذلك المقلد، وأيضا فإن ذلك يؤدي إلى تتبع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة