هل تجب طاعة الأب في عدم الصلاة في المسجد الأبعد

0 397

السؤال

أنا شاب في السابعة عشر من عمري ولله الحمد أحرص على تطبيق ما أمرنا به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، خاصة في حديث: ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا.....وكثرة الخطا إلى المساجد ـ يوجد مسجد بعيد عن بيتنا وصرت أذهب إليه وفي مرة من المرات علم أبي أنني أذهب إلى ذلك المسجد البعيد فغضب وقال اذهب إلى المسجد القريب، لأنه يخشى علي أن يسرقني أحد أو تصدمني سيارة وعندما يسافر أبي أقتنص الفرصة فأذهب إلى المسجد البعيد، فهل أنا عاق لوالدي؟ أريد أن أرضي ربي ويزداد أجري.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحرصك على الازدياد من الأجر بالذهاب إلى المسجد البعيد دليل على إيمانك ـ إن شاء الله تعالى ـ ولكن إذا نهاك أبوك عن الذهاب إلى المسجد البعيد لم يجز لك مخالفته وحرم عليك الذهاب إلى ذلك المسجد، لأن طاعة الوالدين واجبة في غير معصية الله تعالى, وهو لم يأمرك بمعصية, والذهاب إلى المسجد البعيد وإن كان مستحبا لما فيه من كثرة الخطى إلا أن لوالدك غرضا صحيحا في منعك وهو خوفه عليك من السرقة والضرر فيجب عليك السمع والطاعة فإن خالفته فقد وقعت في العقوق وتلزمك التوبة إلى الله تعالى, وإن أطعته في عدم الذهاب فلعل الله أن يكتب لك أجر الذهاب إلى ذلك المسجد، ثم إن مسألة تفضيل المسجد الأبعد على المسجد الأقرب ليست على إطلاقها ومن العلماء من يرى أن أداء الصلاة في المسجد الأقرب أولى كما هو اختيار الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فقد قال في شرح الزاد عند قول المصنف: وأبعد أولى من أقرب ـ قال: ولكن في النفس من هذا شيء، والصواب أن يقال: إن الأفضل أن تصلي فيما حولك من المساجد، لأن هذا سبب لعمارته إلا أن يمتاز أحد المساجد بخاصية فيه فيقدم، مثل: لو كنت في المدينة، أو كنت في مكة، فإن الأفضل أن تصلي في المسجد الحرام في مكة وفي المسجد النبوي في المدينة، أما إذا لم يكن هناك مزية فإن صلاة الإنسان في مسجده أفضل، لأنه يحصل به عمارته والتأليف للإمام وأهل الحي، ويندفع به ما قد يكون في قلب الإمام إذا لم تصل معه، لا سيما إذا كنت رجلا لك اعتبارك، وأما الأبعد فيجاب عن الحديث بأن المراد في قوله عليه الصلاة والسلام: لا يخطو خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة ـ أنه في مسجد ليس هناك أقرب منه، فإنه كلما بعد المسجد وكلفت نفسك أن تذهب إليه مع بعده كان هذا بلا شك أفضل مما لو كان قريبا، لأنه كلما شقت العبادة إذا لم يمكن فعلها بالأسهل فهي أفضل، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعائشة: إن أجرك على قدر نصبك ـ فالحاصل: أن الأفضل أن تصلي في مسجد الحي الذي أنت فيه، سواء كان أكثر جماعة أو أقل، لما يترتب على ذلك من المصالح. اهــ.

وانظر الفتويين رقم: 51577، ورقم: 76303.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة