مهنة المحاماة والقضاء في ظل القوانين الوضعية

0 588

السؤال

هل يجوز العمل كقضاة أو محامين في دولة مسلمة علما أن القاضي أو المحامي يطبقان شريعة وضعية ويخالفان شرع الله أرجو الاستدلال لأن الأمور اختلطت علينا وأجركم على الله...

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالأصل أن المسلم لا يحكم إلا بما أنزل الله تعالى ولا يتحاكم إلا إلى ما أنزل الله تعالى، لقول الله تعالى:ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون [المائدة:44] وقال تعالى:ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا [النساء:60].
لكن مسألة اشتغال المسلم بالقضاء والمحاماة في ظل تحكيم القوانين الوضعية من المسائل التي لأهل العلم فيها قولان:
فالقول الأول: المنع بإطلاق، وقد وجه سؤال إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالسعودية، يقول فيه السائل: هل يجوز لمسلم أن يكون قاضيا في بلد يحكم بغير ما أنزل الله من قرآن أو حديث؟ فكان الجواب: لا يجوز (فتاوى اللجنة الدائمة /147)
القول الثاني: يجوز تولي القضاء والمحاماة لأنها من جنس عمل القضاء. ولهذا يسمونها: القضاء الواقف في ظل هذه الأنظمة، تحقيقا لبعض المصالح أو دفعا لبعض المفاسد، وإعمالا لقاعدة الضرورة، واستيفاء للحقوق واستخلاصا للمظالم عند انعدام البديل الشرعي، وبسط أدلة ذلك في تفسير المنار لمحمد رشيد رضا 406-409.
ومن أهل العلم من فرق بين القضاء الذي لايتعرض فيه القاضي للحكم بغير ما أنزل الله بصورة مباشرة كالمجالات الإدارية والمدنية ونحوها، وبين المجالات التي تقوم مباشرة على مراغمة أحكام الشريعة كالمجالات الجنائية.. فرخص في الأولى ومنع في الثانية، ذكر ذلك الدكتور صلاح الصاوي في كتابه التطرف الديني الرأي الآخر صــ200، ومال الدكتور إلى ترجيح القول الذي يرخص في هذا العمل اعتبارا للحاجة الملحة وتحقيقا للمصلحة.
ويخلص إلى أن المبرر الوحيد الذي يجيز للمسلم الاشتغال بهذه المهنة وغيرها في ظل هذه الأنظمة وتلك القوانين، هو العمل على نصرة الدين وإقامة الحجة على المخالفين، وبيان تفاهة قوانينهم، والقيام بمصالح المسلمين ودفع الظلم عنهم أو تخفيفه حسب الإمكان في ذلك كله، فإذا أوصدت في وجهه الأبواب وتقطعت به السبل فحق عليه أن يعتزل؛ وإلا أصبح وجوده مشاركة في الظلم ويتحمل من الإثم بقدر عمله.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة