الفرق بين قصد الطلاق والتهديد في يمين الطلاق والطلاق المعلق

0 343

السؤال

أولا: حدثت مشادات بيني وبين زوجتي, وأنا لم أرد النزاع, وذهبت للنوم لكي لا نتشاجر, فتبعتني, وكلما أغلقت النور أشعلته, وحصل هذا أكثر من ثلاث مرات, فغضبت في آخر مرة وقلت لها: "علي الطلاق بالثلاث إن ولعتي النور تبقى طالق" أما عن نيتي فغير متأكد, لكني أردت تهديدها بالطلاق؛ لكي لا تفعل ذلك مرة أخرى, وقصدت الطلاق في نيتي, ولا أفهم كيفية التمييز بين التهديد وإرادة الطلاق, فالرجاء شرح ذلك لي؛ حتى أستطيع تبيين نيتي.
ثانيا: هي استجابت ولم توقد النور في لحظتها, وقالت: سوف أنزل وأذهب لأهلي, فقلت لها: "موافق" وفعلا ارتدت ملابسها في الظلام؛ لكي لا تشعل النور, ولكن قبل أن تذهب قلت لها: أعطني مفتاح المنزل, فأشعلت النور لكي تبحث في حقيبتها عن المفتاح عن نسيان وعدم تعمد, فقمت فزعا من النوم, وقلت لها: "ولعت النور, وحققت شرط يميني" فالرجاء الإفادة عن هذا الأمر, علما أن الزوجة معمول لها سحر تفريق وتسقيط للجنين, والجني في جسدها يتكلم على لسانها ويقول: "أنا مهمتي الطلاق وسقوط الجنين" وهي دائمة غاضبة, ولا تطيق البيت, وليل نهار تطلب الطلاق, وتحاول أن تحدث شجارات بيني وبينها, وأنا أعالجها عند راق شرعي, ولكني بشر, وغضبت هذه المرة مما فعلته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالجمهور على أن الحلف بالطلاق - سواء أريد به الطلاق, أو التهديد, أو المنع, أو الحث, أو التأكيد -، يقع به الطلاق عند وقوع المحلوف عليه, وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع ثلاثا، وهو المفتى به عندنا, خلافا لشيخ الإسلام ابن تيمية الذي يرى أن حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق, وإنما يراد به التهديد, أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع المحلوف عليه لزم الحالف كفارة يمين ولا يقع به طلاق, وأن الطلاق بلفظ الثلاث يقع واحدة، وانظر الفتوى رقم: 11592.

والفرق بين قصد الطلاق والتهديد أن الزوج إن كان قاصدا إيقاع الطلاق عند وقوع الشرط فهو قاصد للطلاق, وأما إن كان لا يريد  الطلاق - ولو فعلت الزوجة الشرط - فهو حالف غير قاصد للطلاق، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى: "فصل: في التفريق بين التعليق الذي يقصد به الإيقاع والذي يقصد به اليمين.  فالأول: أن يكون مريدا للجزاء عند الشرط, وإن كان الشرط مكروها له؛ لكنه إذا وجد الشرط فإنه يريد الطلاق؛ لكون الشرط أكره إليه من الطلاق؛ فإنه وإن كان يكره طلاقها ويكره الشرط؛ لكن إذا وجد الشرط فإنه يختار طلاقها: مثل أن يكون كارها للتزوج بامرأة بغي أو فاجرة أو خائنة أو هو لا يختار طلاقها؛ لكن إذا فعلت هذه الأمور: اختار طلاقها؛ فيقول إن زنيت أو سرقت أو خنت فأنت طالق, ومراده إذا فعلت ذلك أن يطلقها: إما عقوبة لها؛ وإما كراهة لمقامه معها على هذا الحال: فهذا موقع للطلاق عند الصفة؛ لا حالف: .......وأما التعليق الذي يقصد به اليمين فيمكن التعبير عن معناه بصيغة القسم بخلاف النوع الأول فإنه لا يمكن التعبير عن معناه بصيغة القسم, وهذا القسم إذا ذكره بصيغة الجزاء فإنما يكون إذا كان كارها للجزاء؛ وهو أكره إليه من الشرط: فيكون كارها للشرط؛ وهو للجزاء أكره ويلتزم أعظم المكروهين عنده ليمتنع به من أدنى المكروهين, فيقول: إن فعلت كذا فامرأتي طالق, أو عبيدي أحرار, أو علي الحج ونحو ذلك, أو يقول لامرأته: إن زنيت أو سرقت أو خنت: فأنت طالق يقصد زجرها أو تخويفها باليمين لا إيقاع الطلاق إذا فعلت؛ لأنه يكون مريدا لها, وإن فعلت ذلك؛ لكون طلاقها أكره إليه من مقامها على تلك الحال, فهو علق بذلك لقصد الحظر والمنع؛ لا لقصد الإيقاع: فهذا حالف ليس بموقع. وانظر الفتوى رقم:167767.

واعلم أن هذه الصيغة التي استعملتها تسمى تعليق التعليق؛ فلا يقع بها الطلاق الثلاث, وإنما يقع بها طلقة واحدة عند حصول المعلق عليه، فقد سئل الشيخ عليش كما في فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك: عمن قال علي الطلاق ثلاثا إن كلمت زيدا تكوني طالقا فهل يلزمه إن كلمت زيدا الطلاق الثلاث أم لا، فأجاب بقوله: الحمد لله يلزمه واحدة إن لم ينو أكثر; لأن جواب الشرط تكوني طالقا, والله أعلم, وتقدم لنا أن هذا من تعليق التعليق يتوقف لزوم الثلاث فيه على مجموع شيئين: كلامها زيدا, وعدم طلاقها, وهي تطلق بمجرد الكلام فلم يوجد مجموع الشيئين فلم يلزمه الطلاق الثلاث. اهـ

والمرجع في تعيين المعلق عليه إلى نيتك, فإن كنت قصدت منعها من فتح المصباح مدة معينة أو بصفة معينة تقيدت يمينك بها، فإنه النية تخصص العام, وتعمم الخاص, وانظر الفتوى رقم: 35891.

وإذا كانت زوجتك قد فعلت المحلوف عليه ناسية, فقد اختلف العلماء في وقوع الطلاق في هذه الحال, وقد رجح بعض المحققين من العلماء عدم وقوع الطلاق في هذه الحال، كما بيناه في الفتوى رقم: 139800.

وما دامت المسألة محل خلاف بين أهل العلم وتحتاج إلى استفصال فلتعرضوها على المحكمة الشرعية, أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوقين ببلدكم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة