الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من علق الطلاق على خروج أمّه من بيته، فخرجت بعد مدة

السؤال

تشاجر زوجي مع أمه، فبدأت تلبس ملابسها لتذهب إلى بيت ابنتها، فجلس يراضيها، لكنها أبت إلا أن تخرج.
وبعد محاولات كثيرة، انفعل زوجي وقال لها: "فلانة طالق مني إن خرجتِ"، وكان يقصد ألا تخرج في تلك اللحظة وتذهب. ولم تخرج حينها، لكنها خرجت بعد يومين أو ثلاثة لزيارة ابنتها. فما حكم الطلاق في هذه الحالة؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالصواب في مثل هذه المسائل أن يعرضها الزوج نفسه على من تمكنه مشافهته من الثقات من أهل العلم، ليستفصلوا منه، ويتبينوا قصده.

ومن حيث الحكم الشرعي على وجه العموم نقول: إذا علّق الزوج الطلاق على خروج أمّه من بيته، وكان قصده منعها من الخروج على الفور، -وهو الظاهر- ولم يقصد منعها من الخروج ولو بعد مدة، أو الخروج لزيارة ونحوها، فالراجح -عندنا في هذه الحال- أنه لا يحنث الزوج في يمينه، ولا يقع طلاقه بخروج أمّه من بيته بعد يومين أو ثلاثة، أو لزيارة ابنتها؛ لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق؛ فمن علّق الطلاق على شرط بلفظ عام، وكانت نيته تعليق الطلاق على صورة مخصوصة من هذا اللفظ العام؛ فلا يحنث في يمينه إلا بحصول الصورة المخصوصة التي نواها.

قال خليل -رحمه الله- في مختصره: ‌وخصصت ‌نية ‌الحالف وقيدت. انتهى.

وجاء في شرح الخرشي على مختصر خليل: يعني أن النية تقيد المطلق وتخصص اللفظ العام ... ولا فرق في تخصيص النية للفظ العام، وتقييد المطلق بين أن يكون اليمين بالله أو بغيره، كطلاق، وعتق. انتهى مختصرًا.

وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني : قال [أحمد] في رواية إسحاق بن إبراهيم، في من حلف لا تدخل الدار، وقال: نويت شهرًا. يقبل منه. أو قال: إذا دخلت دار فلان فأنت ‌طالق. ‌ونوى تلك الساعة، وذلك ‌اليوم. قبلت نيته. انتهى.

وإن لم تكن له نية حين حلف، فيعتبر سببها والحامل له عليها، وهو ألا تخرج من بيته مغاضبة، وليس ألا تخرج مطلقا. وهذا هو ما يسمى ببساط اليمين.

قال الدردير المالكي : ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث، لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال. انتهى. وانظر الفتوى:116989.

وننوّه إلى أنّ حقّ الأمّ على ولدها عظيم، وبرها من أوجب الواجبات، فلا تجوز الإساءة إليها برفع الصوت والمغاضبة، وتجب مخاطبتها بالأدب واللين والتواضع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني