الاعتناء بأهل السنة والجماعة وصحة التسمية الانتساب إليهم

0 269

السؤال

هل من الصواب أن ينتسب المرء لطائفة، كقوله: أنا من أهل السنة والجماعة؟ أم أن الصواب أن المسلم لا يقول هذا القول عندما يسأله الناس؟ وهل هذا القول يبعث في الناس الفرقة والتمييز بدلا من التقريب والألفة؟ وأن على المرء أن يكون فعله وعمله وفق أهل السنة والجماعة خير من أن يقول أنا من طائفة كذا وكذا.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإظهار الانتساب إلى أهل السنة والجماعة حسن لا حرج فيه، وهذه النسبة إنما ظهرت بعد ظهور البدع وتفرق الأمة بالأهواء، فجاءت هذه التسمية للتمييز بين أهل البدع وأهل الاتباع للكتاب والسنة, وما كان عليه سلف الأمة من الصحابة والتابعين، وليس في الانتساب لأهل السنة تفريقا بين الأمة، فالأصل أن كل مسلم هو من أهل السنة ما لم ينحرف لأهل البدع والأهواء، ولا يجب على المسلم إظهار الانتساب لأهل السنة والجماعة في كل حال، لكن الواجب هو اتباع منهجهم.

قال ابن تيمية: لا عيب على من أظهر مذهب السلف, وانتسب إليه, واعتزى إليه, بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق, فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا. أهـ.

قال الشيخ صالح آل الشيخ: فإن لفظ السنة والجماعة لفظان شرعيان, قد ثبتا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، وسنته هي سنته، وسنة الخلفاء الراشدين هي ما كان عليه الجماعة في وقت الخلفاء الراشدين، وفي الجماعة قال صلى الله عليه وسلم في الفرق: كلها في النار إلا واحدة, قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال هي الجماعة، فالله - عز وجل - أمر باتباع نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه} [الحشر:7]، مطلقا في كل مسألة, {وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر:7]، مطلقا في كل مسألة يعني الأخذ بالسنة, فإذن الأصل باتباع السنة واتباع الجماعة والثناء على اتباع السنة، والثناء على الالتزام بالجماعة، هذا الأصل موجود في النصوص, جاء في أواخر زمن الصحابة في عهد عثمان, وفي عهد علي - رضي الله عنه - بدأ خروج أهل الأهواء، وأهل الأهواء - وهم الخوارج مثلا - في أول الأمر, ثم الشيعة, ثم المرجئة, ثم القدرية، هؤلاء أهل الأهواء صارت لهم هذه الأسماء, وهم مسلمون لا نكفرهم؛ لكن ليسوا آخذين بكل الحق, فصار الاسم الذي سموا به علما لهم على ترك بعض الحق والافتراق, فإذن تبقى الطائفة الأولى التي كانت مواصلة للمأمور به من السنة والجماعة يبقون يقابلون، إن قلنا هؤلاء - أعني من مشى على الطريق ولزم السنة والجماعة - هؤلاء هم المسلمون، فماذا نسمي الآخرين؟ نقول: هؤلاء هم المسلمون أيضا، إذن لم يصر فرق بين السنة والبدعة, وما بين الاتباع والمخالفة, ولا ما بين الخارجي والصحابي, فإذن لزم الفرق، واسم الإسلام من ورع الصحابة - رضوان الله عنهم - وعدلهم أن الذين قاتلوهم وضللوهم لم يخرجوهم من الإسلام, بل أبقوا عليهم اسم الإسلام واسم الإيمان؛ لكن من كان على وفق ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين تميزوا بالاسم الذي هو الاسم الأصلي, وهو أنهم أهل السنة وأهل الجماعة، ولا يصح أن يقال: إنهم مسلمون فقط؛ لأنه إن قيل إنهم مسلمون فغيرهم أيضا مسلمون، وهذا التخصيص لهم هو في الأصل مطابق لقولهم مسلم، ففي عهد النبي صلى الله عليه وسلم المسلم يقابل المنافق، المؤمن يقابل المنافق، والمسلم هم أهل السنة والجماعة، فلم يكن ثم فرق في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد أبي بكر, ولا في عهد عمر ما بين المسلم, وما بين أهل السنة والجماعة؛ الدلالة واحدة، مسلم مؤمن أهل السنة والجماعة, الكل واحد لا فرق. متى ظهر الاعتناء بأهل السنة والجماعة؟ لما ظهر الاختلاف, والاعتناء بالاسم تمييزا ليس ثناء فقط لمن اتبع للسنة والجماعة؛ ولكن هو أيضا عدل مع من خالف؛ لأن الذي خالف لو قلنا هؤلاء مسلمون لكان أولئك نقول كفار، كيف تخصون أنتم بالمسلمين؟ والآخرون؟ فإذن صار عند السلف من كان على الطريقة الأولى يقال له أهل السنة والجماعة, ومن كان مخالفا يقال له: أهل الأهواء المرجئة الخوارج إلى آخر ذلك؛ ولهذا أجمع أئمة الإسلام من أهل الحديث على صحة هذه التسمية، بل ومن غيرهم من الأشاعرة والماتريدية على أن تسمية أهل السنة والجماعة صحيحة، وهذا اتفاق منهم على ذلك، فالتسمية صحيحة مجمع عليها. أهـ. وانظر الفتوى: 33503.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة