لا حرج في الاشتراك في جمعية الموظفين

1 487

السؤال

فضيلة الشيخ:
ما حكم الجمعية التي يقوم بها الموظفون آخر الشهر، مع العلم أنها تساعد الموظف على أشياء كثيرة منها الزواج. شاكرا فضيلتكم تكرمكم بالإجابة, وأسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناتكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد

فلا حرج فيما يعرف بجمعية الموظفين، جريا على أصل الحل في المعاملات، ولما فيها من مصلحة مشتركة بين جميع الأعضاء، ولما يحصل منها من وجود بديل مشروع عن القرض الربوي المحرم بالإجماع، وعن المعاملات المختلفة في حلها، كالعينة والتورق.

وقد كانت هذه الجمعيات معروفة منذ قرون، ولم نر أحدا من الفقهاء المتقدمين نص على حرمتها بدليل سالم من معارض أقوى. بل نص بعضهم على جوازها، كما جاء في حاشية قليوبي (متوفى 1069 هـ) على شرح المحلي: "فرع: ‌الجمعة المشهورة بين ‌النساء بأن تأخذ امرأة من ‌كل ‌واحدة من جماعة منهن ‌قدرا معينا في ‌كل جمعة أو شهر، وتدفعه لواحدة بعد ‌واحدة، إلى آخرهن: جائزة، كما قاله الولي العراقي." اهـ.

والولي العراقي متوفى سنة (826) ه.

ونص كذلك على جوازها أكثر أهل العلم المعاصرون، كالشيخ ابن باز، وابن عثيمين وابن جبرين. وصدر بذلك قرار بالأكثرية من مجلس هيئة كبار العلماء بالسعودية. وهذا نصه: "جرت مداولات ومناقشات لم يظهر للمجلس بعدها بالأكثرية ما يمنع هذا النوع من التعامل؛ لأن المنفعة التي تحصل للمقرض، لا تنقص المقترض شيئا من ماله، وإنما يحصل المقترض على منفعة مساوية لها؛ ولأن فيه مصلحة لهم جميعا من غير ضرر على واحد منهم، أو زيادة نفع لآخر. والشرع المطهر لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها على أحد، بل ورد بمشروعيتها." اهـ.

وأما من حرمها من المعاصرين، فبنى ذلك على أنها تدخل في القرض الذي يجر نفعا للمقرض، أو أنها من باب: "أسلفني وأسلفك"، أو: "أقرضني بشرط أن أقرضك".

وجواب ذلك: أن المنفعة هنا مشتركة، وليست للمقرض وحده، وليس كل منفعة للمقرض تحرم القرض، كما لو أقرض الولي مال اليتيم في وقت الخوف، حفظا له، لكون القرض مضمونا على المقترض بخلاف الوديعة، وكما في مسألة السفتجة عند من يصححها.

ثم إن تكييف هذه الجمعية على أنها من باب الاقتراض والإقراض، غير مسلم أصلا. فإنها أقرب إلى باب الإقراض والاستيفاء، والاقتراض والوفاء. فمن يقبضها أولا: يقترض ثم يوفي، ومن يقبضها آخرا يقرض ثم يستوفي. ومن بينهما من أعضاء الجمعية: يقترض ممن بعده ثم يوفيه بعد ذلك، ويستوفي ممن قبله ما سبق أن أقرضه له. فليس فيها قرض جديد ينطبق عليه "أسلفني وأسلفك" بل هو قرض واحد يوفى أو يستوفى.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات