الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يضمن الوكيل إلا في حال التعدي أوالتفريط

السؤال

أنا وزملائي في العمل مشتركون في جمعية، ونقوم بدفع مبلغ معين من المال شهريًّا، ونحن متساوون في ذلك، وكل شهر يصرف ما تم تجميعه لأحد الأعضاء، وبحكم وجودي في قسم الحسابات، اخترتُ كي أتولي جمع المال، وإعطاءه لصاحب الدور، بناءً علي طلب زملائي، وأقوم بخصم الجمعية من الراتب قبل إعطائهم إياه، لذا، فأنا في الغالب أقوم بصرف الرواتب، وتجميع الجمعية في آن واحد، ثم أقوم بإعطائها لصاحبها، وشيء على الهامش أود أن أضيفه، وهو أن هذه الجمعية أخذت في التغير أكثر من شهر، فأناس اشتركوا، وأناس أوقفوا الاشتراك، فصنع هذا شيئا من اللبس، علماً بأن كل شيء مسجل، والشهر المنقضي طُلب مني صرف الرواتب فجأة! فأسرعت في إتمام عملية صرف الرواتب، كي أتدارك الموقف، وفي نفس التوقيت كنت أضع اشتراكات الجمعية، بعد خصمها من أصحابها، في مظروف منفصل، وراجعت المظروف المحتوي على مبلغ الجمعية، فوجدته مكتملا في ما كنت أحسب ـ خُيل إليَّ بسبب التغير المستمر في عدد أعضاء الجمعية ـ ولكنه فعليا كان ناقصاً.. واتضح في نهاية الأمر بعد إعطاء المبلغ لصاحبه أن المبلغ ناقص، وكنت قد أعطيت كُلًا راتبه، فرجعت إلى كل الموظفين أسألهم إن كان دُفع إليهم عن طريق الخطأ، ولكن الكل أنكر أن يكون قد استلم مبلغاً إضافياً مع راتبه، والظاهر أنه بالفعل أُعطي لأحد في مظروفه عن طريق الخطأ، فهل أنا - المسئول عن توزيع الأدوار- أضمن هذا المال؟ أم يضمن المال صاحب الدور الذي استلم المبلغ ناقصاً؟ أم يضمن المال المشتركون في الجمعية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالسائل وكيل عن أعضاء الجمعية، والوكيل لا يضمن إلا في حال التعدي، أو التفريط، والتعدي معناه فعل ما لا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب.

قال ابن قدامة في الكافي: والوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف تحت يده، بغير تفريط.. لأنه نائب المالك، أشبه المودع. اهـ.

والمودع يضمن بالخطأ والنسيان.

قال النووي في باب الوديعة من روضة الطالبين: الحكم الثاني: أنها أمانة، فلا يضمن إلا عند التقصير، وأسباب التقصير تسعة..... ومنها: التضييع ـ وذكر له صورًا، منها: ‌ضيع ‌بالنسيان، ضمن على الأصح، ويؤيده نص الشافعي في عيون المسائل أنه لو أودعه إناء من قوارير، فأخذه المودع بيده، ليحرزه في منزله، فأصابه شيء من غير فعله فانكسر، لم يضمن، ولو أصابه بفعله مخطئا، أو عامدا قبل أن يصل إلى البيت، أو بعدما وصله، فهو ضامن، والخطأ، والنسيان يجريان مجرى واحدا؛ ولأنهم قالوا: لو انتفع بوديعة، ثم ادعى غلطا، وقال: ظننته ملكي، لا يصدق، مع أنه احتمال قريب، فدل على أن الغلط لا يدفع الضمان. اهـ.

وإذا كان الغلط لا يدفع الضمان، فهذا هو ما حصل مع السائل؛ حيث وضع هذا المبلغ في مظروف أحد زملائه عن طريق الخطأ، وهذا لا يخلو من تفريط.

وعليه؛ فضمان هذا المبلغ يقع على السائل وحده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني