تطييب خاطر عائشة بعمرة مستقلة بعد إتمامها نسك القران

0 282

السؤال

قرأت في أحد الكتب أن المتمتع إذا لم يتمكن من الاعتمار قبل الحج، فإنه يغير نيته من التمتع إلى القران، فينوي أنه صار قارنا بين الحج والعمرة معا، وهذا هو ما وقع لعائشة، فإنها كانت متمتعة ثم حاضت, ولم تتمكن من الاعتمار قبل الحج, فأدخلت الحج على العمرة, فصارت قارنة, فهل عمرة عائشة بعد قرانها من قرانها أم هي عمرة مستقلة؟ وتغيير النية إلى القران تناسب من ساق الهدي، فكيف يكون التغيير إلى القران لمن لم يسق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فما ذكرته من أمر عائشة - رضي الله عنها - صحيح، فإنها لما حاضت وكانت قد أهلت بعمرة أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخل الحج على العمرة فتصير قارنة.

وأما عمرتها التي أتت بها بعد انقضاء نسكها من التنعيم فإنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بها لما كرهت أن ترجع دون أن تأتي بأعمال عمرة مستقلة, وإلا فقد كان أجزأها طوافها وسعيها يوم النحر لحجها وعمرتها، وهذا قول جمهور أهل العلم، قال ابن القيم - رحمه الله -: كانت - يعني عائشة - قد أهلت بالعمرة فحاضت، فأمرها فأدخلت الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن يرجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين فإنهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يقرن، وترجع هي بعمرة في ضمن حجتها، فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبا لقلبها. انتهى.

والنصوص تدل على هذا دلالة واضحة، قال شيخ الإسلام - رحمه الله -: روى طاووس عن عائشة:  أنها أهلت بعمرة، فقدمت ولم تطف بالبيت حتى حاضت، فنسكت المناسك كلها وقد أهلت بالحج، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر -: يسعك طوافك لحجك وعمرتك، فأبت فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج. رواه أحمد ومسلم. وعن مجاهد عن عائشة: أنها حاضت بسرف، فتطهرت بعرفة، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك. رواه مسلم. وعن عطاء عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك" رواه أبو داود. وعن جابر قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة ثم وجدها تبكي، وقالت: قد حضت، وقد حل الناس ولم أحلل، ولم أطف بالبيت، فقال: اغتسلي، ثم أهلي بالحج. ففعلت، ووقفت المواقف كلها، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة، وبالصفا والمروة، ثم قال: قد حللت من حجك وعمرتك جميعا، قالت: يا رسول الله، إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حين حججت، قال: فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم - وذلك ليلة الحصبة. متفق عليه. فهذا نص في أنه لا يجب عليها قضاء العمرة، وأن الطواف الذي طافته يوم النحر بالبيت، وبين الصفا والمروة يسعها لحجها وعمرتها، وأنها باقية على عمرتها مقيمة عليها، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بقضاء العمرة حتى ألحت عليه. انتهى.

فإذا علمت هذا فإن القران جائز بالاتفاق, أو هو كالاتفاق بين العلماء لكل أحد سواء ساق الهدي أو لم يسقه، وإنما اختلاف أهل العلم في الأفضل من الأنساك ، ومن أحرم بالعمرة متمتعا بها إلى الحج ثم خشي فوات الحج وجب عليه أن يدخله على عمرته فيصير قارنا بهما كما فعلت أم المؤمنين - رضي الله عنها -

قال البهوتي في الروض: (وإن حاضت المرأة) المتمتعة قبل طواف العمرة (فخشيت فوات الحج أحرمت به) وجوبا (وصارت قارنة) لما روى مسلم أن عائشة كانت متمتعة فحاضت، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أهلي بالحج وكذا لو خشيه غيرها. انتهى. ووجهه ظاهر وهو: أنه لا سبيل إلى إتمام النسك والحال هذه إلا بهذا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة