بيان ضلال دعاء الأشخاص من دون الله ودعوى شفاعتهم يوم القيامة

0 261

السؤال

عندنا أناس يسمون أنفسهم صوفيين، ويقولون إن لهم شيخا عاش منذ مائتي سنة، ولكنه لم يمت بعد بزعمهم، هؤلاء الناس يدعون هذا صراحة، ويقولون إنه سيشفع لهم يوم القيامة.
وسؤالي: هل هم مشركون شركا أكبر وكيف نعاملهم؟
أرجو التفصيل في ذلك ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد بينا انحراف الصوفية المعاصرة في فتاوى عدة، منها الفتاوى أرقام: 8500 13742 27699.

وأما دعاء الأموات، والغائبين، وسؤالهم، ودعاء الأحياء فيما لا يقدر عليه إلا الله، فكل ذلك من الشرك الأكبر الذي يخرج من الإسلام، ويوجب الخلود في النار. قال تعالى: فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين {الشعراء:213}. وقال سبحانه: ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون {المؤمنون:117}. 

 قال ابن تيمية: أن يدعو غير الله وهو ميت، أو غائب، سواء كان من الأنبياء، والصالحين أو غيرهم فيقول: يا سيدي فلان أغثني، أو أنا أستجير بك، أو أستغيث بك، أو انصرني على عدوي. ونحو ذلك، فهذا هو الشرك بالله. اهـ.
وقال: فكل من غلا في نبي، أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلـهية، مثل أن يدعوه من دون الله، بأن يـقول: (يا سيدي فلان أغثني، أو أجرني، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك) ؛ فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله أرسل الرسل ليعبد وحده، لا يـجعل معه إلـه آخر، والذين يجعلون مع الله آلهة أخرى، مثل الملائكة، أو المسيح، أو العزير، أو الصـالحين أو غيرهم؛ لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق وترزق، وإنما كانوا يدعونهم، يقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فبعث الله الرسل تنهى أن يدعى أحد من دون الله، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة. اهـ.
وقال: فمن جعل الملائكة، والأنبياء وسائط، يدعوهم، ويتوكل عليهم، ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، مثل أن يسألهم غفران الذنب، وهداية القلوب، وتفريج الكروب، وسد الفاقات؛ فهو كافر بإجماع المسلمين .اهـ.

 وراجع الفتاوى أرقام: 3779 156643 24537 187225.

لكن لا يحكم على من وقع في شيء من الشرك الأكبر أنه مشرك بعينه حتى تقام عليه الحجة، فقد يكون بعضهم جاهلا معذورا بجهله، أو متأولا، ومرد الحكم على المعين بالتكفير إلى القضاء الشرعي.

وانظر للفائدة الفتاوى أرقام: 98374  721   65312.

وأما الشفاعة في الآخرة فلا تحصل إلا بعد إذن الله بها، وبعد رضى الله تعالى عن الشافع والمشفوع له، كما قال تعالى: وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى {النجم:26}، وقال سبحانه: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا {طه:109}. وقال عز من قائل: يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون {الأنبياء:28}. وأن يكون الشافع والمشفوع له من أهل التوحيد والإخلاص لله، وأما أهل الشرك فلا يشفعون، ولا تنفعهم شفاعة أحد، قال تعالى: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون {يونس:18}.

وقال ابن تيمية: فكلما كان الرجل أتم إخلاصا لله؛ كان أحق بالشفاعة، وأما من علق قلبه بأحد من المخلوقين، يرجوه ويخافه؛ فهذا من أبعد الناس عن الشفاعة. فشفاعة المخلوق عند المخلوق تكون بإعانة الشافع للمشفوع له، بغير إذن المشفوع عنده، بل يشفع إما لحاجة المشفوع عنده إليه، وإما لخوفه منه، فيحتاج أن يقبل شفاعته. والله تعالى غني عن العالمين، وهو وحده سبحانه يدبر العالمين كلهم، فما من شفيع إلا من بعد إذنه، فهو الذي يأذن للشفيع في الشفاعة، وهو يقبل شفاعته، كما يلهم الداعي الدعاء، ثم يجيب دعاءه، فالأمر كله له. فإذا كان العبد يرجو شفيعا من المخلوقين، فقد لا يختار ذلك الشفيع أن يشفع له، وإن اختار فقد لا يأذن الله له في الشفاعة، ولا يقبل شفاعته. اهـ.

وراجع لمزيد من الفائدة في هذا الباب الفتويين: 34463 22872.

وراجع في طريقة التعامل مع أهل البدع الفتاوى التالية أرقامها: 19998 24369 14264 197441.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة