حكم الشك في الصلاة إذا كثر وصار وسواسا

0 449

السؤال

متى تبطل صلاة الموسوس بسبب الزيادة؟ وهل هو إجماع؟ وماذا لو كان مقصرا ويسرح في الصلاة ولا يتذكر هل سجد أم لا بسبب عدم الخشوغ وعدم التركيز؟ قال الزحيلي: إذا لم يقدر أن يرجح يبني على الأقل ـ فهل هذا إجماع؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فليعلم أن الأصل هو أن يبني من شك في صلاته على الأقل، فإن شك هل صلى ركعة أو ركعتين جعلها ركعة، وإن شك هل سجد سجدة أو سجدتين جعلها سجدة، إلا إن كثر هذا وصار وسوسة فإنه يعرض عن هذا الشك ولا يلتفت إليه وليس عليه سجود سهو، ويرى المالكية أنه يسجد للسهو والحال هذه، وإعراض الموسوس عن الوسوسة وعدم التفاته إليها قد نص عليه فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم، جاء في الموسوعة الفقهية: الموسوس هو من يشك في العبادة ويكثر منه الشك فيها حتى يشك أنه لم يفعل الشيء وهو قد فعله، والشك في الأصل موجب للعود لما شك في تركه، كمن رفع رأسه وشك هل ركع أم لا؟ فإن عليه الركوع، لأن الأصل عدم ما شك فيه، وليبن على اليقين، ومن شك أنه صلى ثلاثا أو أربعا جعلها ثلاثا وأتى بواحدة ويسجد للسهو، لكن إن كان موسوسا فلا يلتفت للوسواس، لأنه يقع في الحرج، والحرج منفي في الشريعة، بل يمضي على ما غلب في نفسه، تخفيفا عنه وقطعا للوسواس، قال ابن تيمية: والاحتياط حسن ما لم يفض بصاحبه إلى مخالفة السنة، فإذا أفضى إلى ذلك فالاحتياط ترك هذا الاحتياط. انتهى.

وقال في مطالب أولي النهى: ولا يشرع سجود السهو إذا كثر الشك حتى صار كوسواس، فيطرحه، وكذا لو كثر الشك في وضوء وغسل وإزالة نجاسة، وتيمم، فيطرحه، لأنه يخرج به إلى نوع من المكابرة، فيفضي إلى زيادة في الصلاة مع تيقن إتمامها، فوجب إطراحه، واللهو عنه لذلك. انتهى.

وفي التاج والإكليل: قال ابن رشد: ولا يبني ـ يعني الموسوس ـ على اليقين بخلاف الذي يكثر عليه السهو لا شك فيه فلا بد له من إصلاح ما سها، إذ لا شك فيه. انتهى.

وفي فتاوى ابن الصلاح: الموسوس عليه الإعراض عن الوسوسة أصلا فإنه ـ إن شاء الله تعالى ـ سيخزى بعد ذلك شيطانه وتزايله وسوسته وتصلح في النية حالته، وإن لم يفعل فإنما هو متحقق بما قاله إمام الحرمين، إذ يقول: الوسوسة مصدرها الجهل بمسالك الشريعة أو نقصان في غريزة العقل، ونسأل الله العظيم لنا وله العافية. انتهى.

فإذا علمت هذا، فإن الموسوس إذا فعل ما يجب عليه من الإعراض عن الوسوسة وعدم الالتفات إليها كانت عبادته صحيحة ولم يحكم ببطلانها، وأما من لم يكن موسوسا فإنه يبني على الأقل ـ كما مر ـ ولتنظر الفتوى رقم: 134196.

وأما المنقول عن الشيخ الزحيلي من أن من لم يستطع الترجيح يبني على الأقل، فهذا في حق غير الموسوس، والعلماء مختلفون هل يشرع العمل بغلبة الظن كما تقول الحنفية، أم أن غلبة الظن ملحقة بالشك مستوي الطرفين فيبني على الأقل مطلقا، ولتنظر لذلك الفتوى رقم: 125654.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة