حكم السائق المخمور إذا طارد سيارة فانقلبت وأصيب سائقها ثم مات

0 446

السؤال

كنت مخمورا وأقود سيارتي، وفي الطريق كانت هنالك سيارة قريبة مني، فبدأت أقترب منها أكثر فأكثر بفعل الخمر ولم أكن أقصد إيذاء السائق الآخر، وعندما أصبحت قريبا منه، ربما أصابه الرعب فانقلبت سيارته قبل أن أتدارك الموقف مما أدى إلى إصابته بالشلل، فطلبت له الإسعاف، ولم يطلبني أحد للشرطة، ولم أذهب إلى أهل المجني عليه، وبعد خروج المجني عليه من المستشفى وقد أصيب بالشلل بعد شهر تقريبا، علمت أنه توفي ولا أعلم السبب، وقد مضى على الحادث 4 سنوات، ومنذ ذلك الوقت تبت إلى الله وأكثرت من الصدقة، فهل علي كفارة أؤديها غير إطعام 60 مسكينا؟ وهل أنا في حكم القاتل غير العامد؟ وهل علي أن أواجه أهل المجني عليه بعد 4 سنوات؟ وإن لم أستطع فما كفارة ذلك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن المعلوم عند المسلم أن تناول الخمر وكل مسكر جريمة نكراء ومعصية عظمى، فقد قال الله عز وجل: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون { المائدة:90ـ 91 }.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الخمر أم الخبائث. وفي رواية: أم الفواحش، فمن شربها لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية. رواه الطبراني.
والإقدام على القيادة في حالة السكر جريمة أخرى، لما فيه من تعريض الأنفس والممتلكات للخطر، وكذلك ترويع المسلم وتخويفه بغير حق شرعي، فإنه لا يجوز، ففي الحديث: لا يحل لمسلم أن يروع مسلما. رواه أبو داود، وصححه الألباني. وفيه: من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه. رواه مسلم.

ومما لا يجوز كذلك مخالفة قوانين المرور وغير ذلك من الأمور التي تعرض حياة الناس وممتلكاتهم للخطر، وما دمت قد تبت إلى الله تعالى، فإننا نهنئك بالتوبة، ونسأل الله لنا ولك القبول والمغفرة والاستقامة على طريقه المستقيم، ولتعلم أن توبتك لا تتم حتى تؤدي حقوق الناس.

وإذا كان انقلاب سيارة هذا الرجل وما نتج عنه من شلل بسبب مطاردتك له؛ فالظاهر أنه يلزمك ما نشأ عن ذلك  لتعديك عليه بالترويع والاقتراب منه وأنت في حالة مخيفة، جاء في الموسوعة الفقهية: قوله تعالى: ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ـ فقد أوجب الله تعالى الكفارة في القتل الخطأ دون تفرقة بين كون القتل قد وقع على سبيل المباشرة أو التسبب.. ولأن السبب كالمباشرة في إيجاب الضمان, فكان كالمباشرة في إيجاب الكفارة. اهـ

وجاء في المغني لابن قدامةوإذا طلب إنسانا بسيف مشهور فهرب منه فتلف في هربه ضمنه سواء وقع من شاهق أو انخسف به سقف أو خر في بئر أو لقيه سبع فافترسه أو غرق في ماء أو احترق بالنار، وسواء كان المطلوب صبيا أو كبيرا أعمى أو بصيرا عاقلا أو مجنونا.....اهـ 

وإن كان موته بسبب الحادث، فالدية كاملة، وإن لم تكن الوفاة بسبب الحادث فدية الشلل تكون بحسبه ـ كما ذكرنا ـ

ولذلك، فالواجب عليك مع التوبة الدية والكفارة ـ إذا كان الموت بسبب الحادث ـ والدية هنا على عاقلتك ـ قبيلتك ـ وأنت فرد منهم، وعليك شخصيا الكفارة، وهي: تحرير رقبة مؤمنة، ونظرا لعدم وجود الرقبة فعليك صيام شهرين متتابعين لقوله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما {النساء:92}. ولا يعفيك من ذلك طول الزمن مهما كان. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة