حكم من شك أن أحدا ترك عنده وديعة ولم يستردها

0 244

السؤال

كان الناس يستودعون أبي أمانات لهم من أموالهم، وكان أبي ربما أنفق من تلك الأموال لكنه يسجل مقدار تلك الأمانات وأصحابها في دفتر، وأحد هؤلاء توفاه الله، وكان قد استرد أماناته قبل ذلك بحسب المبالغ المدونة في الدفتر، لكن أبي شك في أن هذا الشخص ربما أودع عنده مبلغا قبل موته ولم يسترده ونسي أن يدونه في الدفتر، والمشكلة أن أبي لا يدري تحديدا هل حدث ذلك أم لم يحدث؟ وأبي حرص على أن يروي لي ذلك قاصدا أن أسدد أنا ذلك المبلغ للورثة إن توفر عندي يوما، والسؤال: هل هذا دين على أبي فعلا؟ وهل إذا توفي أبي ـ حفظه الله ـ يجب علي سداده؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل براءة الذمة، وما دام الأمر مجرد شك فإنه لا يجب على أبيك شيء، ولا تثبت الوديعة بمجرد الشك، قال المقري في قواعده: المعتبر في الأسباب والبراءة وكل ما تترتب عليه الأحكام: العلم اليقين، ولما تعذر في أكثر الصور أقيم الظن مقامه لقربه منه، وبقي الشك ملغى على الأصل. انتهى.

ولكن الأحوط أن تسألوا ورثة الميت فلعله كان قد أخبرهم بوجود وديعة عند أبيك، وأما حكمك أنت في حال ثبوت هذه الوديعة دينا على أبيك: فلا يجب عليك تسديدها من مالك إلا من باب الإحسان.

وننبهك أن تصرف أبيك في ودائع الناس لا يجوز بغير إذن أصحابها، ومن تصرف فيها دون إذن صاحبها فهو آثم متعد، وعليه الضمان، وقد ذكر النووي في روضة الطالبين أن الوديعة: أمانة، فلا يضمن إلا عند التقصير، وأسباب التقصير تسعة، ثم قال في السبب السادس: الانتفاع، فالتعدي باستعمال الوديعة والانتفاع بها، كلبس الثوب، وركوب الدابة، خيانة مضمنة. انتهى.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة تفصيل حيث سئل: عن الاقتراض من الوديعة بلا إذنه ـ فأجاب: وأما الاقتراض من مال المودع: فإن علم المودع علما اطمأن إليه قلبه أن صاحب المال راض بذلك فلا بأس بذلك، وهذا إنما يعرف من رجل اختبرته خبرة تامة وعلمت منزلتك عنده كما نقل مثل ذلك عن غير واحد وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل في بيوت بعض أصحابه، وكما بايع عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ وهو غائب، ومتى وقع في ذلك شك لم يجز الاقتراض. انتهى.

وللفائدة يرجى مراجعة الفتويين رقم: 136616، ورقم: 139170.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة