مدى صحة قصة بحيرى الراهب ومعنى سجود الحجر والشجر

0 374

السؤال

أريد أن أعرف قصة بحيرى الراهب حينما التقى بأشياخ قريش وقال لهم: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي، وهل رأى الراهب فعلا الحجر والشجر يسجدان للنبي صلى الله عليه وسلم؟ وكيف عرف أنها سجدت للنبي صلى الله عليه وسلم؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقصة بحيرى الراهب معروفة تناقلها أهل السير في كتبهم، وأخرجها الترمذي في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه والحاكم في مستدركه وغيرهم بألفاظ مختلفة، وقد  تنازع العلماء في ثبوتها، وممن صححها الألباني في صحيح السيرة، وممن ضعفها الذهبي، وملخصها ـ كما في الرحيق المختوم: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغ اثنتي عشرة سنة ـ قيل: وشهرين وعشرة أيام ـ ارتحل به أبو طالب تاجرا إلى الشام، حتى وصل إلى بصرى ـ وهي معدودة من الشام، وقصبة لحوران، وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان، وكان في هذا البلد راهب عرف بـ : بحيرى، واسمه ـ فيما يقال : جرجيس، فلما نزل الركب خرج إليهم، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك، فجعل يتخللهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أبو طالب وأشياخ قريش: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، ثم أكرمهم بالضيافة، وسأل أبا طالب أن يرده، ولا يقدم به إلى الشام، خوفا عليه من الروم واليهود، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة.

وإلى هذه القصة يشير صاحب قرة الأبصار في سيرة المشفع المختار بقوله:
ثم إلى الشام مع العم ارتحل    * والعمر في ثالثة العشر دخل

فرده خوفا من اليهود    * عليه أهل المكر والجحود.

ولذلك، فالقصة لها أصل صحيح بما فيها قوله: لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان إلا لنبي، كما قال غير واحد من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر في الإصابة كما نقله عنه ملا القاري في مرقاة المفاتيح قال: الحديث رجاله ثقات، وليس فيه سوى هذه اللفظة ـ هي أن أبا بكر كان معهم ـ فيحتمل أنها مدرجة فيه منقطعة من حديث آخر وهما من أحد رواته. اهـ

وممن صححه الألباني في صحيح السيرة وصحيح سنن الترمذي.  

وأما كيفية السجود: فيمكن أن تكون بميلها أو تحركها أو بكيفية أخرى لا نعلمها، كما قال الله تعالى عن سجود هذا الكون لله تعالى وتسبيحه بحمده: وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم {الإسراء:44}.

وقال تعالى: ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال {الرعد:15}.

يعني أن كل شيء في هذا الكون يسبح بحمد الله تعالى ويسجد له، والله أعلم بكيفية السجود وكيف عرفها الراهب، وقد فسرها الملا قاري بالسقوط والتواضع فقال: لم يبق شجر ولا حجر إلا خر، أي: سقط. ساجدا، أي: متواضعا إليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

المكتبة