حكم محبة الكافر أو العاصي لقرابته

0 438

السؤال

ما حكم حب الكافرين؟ وهل يجوز حب الأم الكافرة، أو الأقارب الكفار الذين لا يصلون، أو الذين يصدقون العرافين؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن المحبة محبتان: محبة طبعية، ومحبة شرعية:

أما الشرعية، كمحبة الكافرين لكفرهم والفاسقين بفسقهم: فهذا لا يجوز، بل الواجب بغضهم بما معهم من الكفر، ولو كان أبا أو أما، أو أخا، كما قال تعالى: لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم {المجادلة:22}.

وقال: قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده {الممتحنة:4}.

وهذا هو البغض في الله، كما في الحديث: أوثق عرى الإيمان، الحب في الله، والبغض في الله.

أما المحبة الطبعية، كمحبة الوالد لولده والولد لوالده ونحوهما، فهذه لا يؤاخذ العبد بها، فإن تلك غريزة في النفس لا يملك الإنسان دفعها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين أزواجه ويعدل، ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. رواه أبو داود والحاكم، وقال: على شرط مسلم ـ ووافقه الذهبي، قال أبو داود: يعني القلب. اهـ. 

فقد كانت أحب نسائه إليه عائشة، ولا يملك ذلك ولا يقدر أن يقسم فيه بالسوية.

قال الخطابي في معالم السنن: وإنما المكروه من الميل هو ميل العشرة الذي يكون معه بخس الحق، دون ميل القلوب، فإن القلوب لا تملك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوي في القسم بين نسائه ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تواخذني فيما لا أملك ـ وفي هذا نزل قوله تعالى: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة {النساء: 129}. اهـ.

فالمحبة الطبعية لا يملكها الإنسان، وقد أنزل الله تعالى في أبي طالب: إنك لا تهدي من أحببت {القصص:56}. رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

 قال النووي ـ رحمه ـ في شرح مسلم: قوله تعالى: من أحببت ـ يكون على وجهين: أحدهما: معناه من أحببته لقرابته والثاني: من أحببت أن يهتدي.

 وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في تفسير سورة البقرة: وقوله تعالى: إنك لا تهدي من أحببت {القصص: 56} أي لا توفق للهدى من أحببته، أو من أحببت هدايته.

وقال في شرح كتاب التوحيد: وهذا عام لأبي طالب وغيره، ويجوز أن يحبه محبة قرابة، ولا ينافي هذا المحبة الشرعية.

فلا حرج على المسلم أن يحب والديه، أو أقاربه الكفار المحبة الطبعية الغريزية، أو يحب كافرا لاستمرار إحسانه إليه، لكن الواجب مع ذلك أن لا يحبهم المحبة الشرعية، بل يبغضهم بسبب ما فيهم من الكفر، وذلك ببغض ما فيهم من الكفر فيبغضهم بصفة الكفر والعداوة، ويحبهم بصفة القرابة ونحوها، ولا منافاة بينهما.

ثم الواجب عليه أن يبر والديه، ويحسن إليهما في المعاملة الظاهرة، وإن كانا مشركين، بل وإن جاهداه ليشرك بالله، والجمع بين برهما والإحسان إليهما وبين عدم طاعتهما في المعصية هو سبيل المنيبين إلى الله، كما قال تعالى: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي {لقمان:15}.

وكذلك القول في تاركي الصلاة والذين يصدقون العرافين، وراجعي لزيادة الفائدة الفتوى رقم: 137620.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة