زلات علماء أهل السنة والجماعة في الميزان

0 256

السؤال

ما رأيكم - أحبتي في الله - فيمن يقول: "لو جمعنا زلات علماء أهل السنة والجماعة ووضعناها في كتاب لأصبحنا كفارا" جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله. والصلاة والسلام على رسول الله. وعلى آله وصحبه. أما بعد:

 فإن كان مراد هذا القائل هو التحذير من اتباع زلات العلماء، وأن تتبعها والعمل بها مما تنحل به ربقة الدين، ويؤدي إلى مفارقة الملة: فهذا كلام صحيح، قال الشاطبي في الموافقات: وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله, قال ابن عبد البر: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا. انتهى.

وقد أطال الشاطبي النفس فيما يتعلق بزلات العلماء في الكتاب المذكور, فأجاد, وأفاد - رحمه الله - وفي السنن للبيهقي عن الأوزاعي أنه قال: من أخذ بنوادر العلماء خرج عن الإسلام.

وقال الإمام أحمد بن حنبل: لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع، وأهل مكة في المتعة، كان فاسقا.

وكلام العلماء في هذا المعنى كثير جدا.

وأما إن كان مراد هذا القائل هو التشنيع على أهل العلم من أهل السنة والجماعة: فهذا منه منكر عظيم, يجب عليه أن يتوب إلى الله تعالى منه، فإن أهل العلم غير معصومين, ولذا تقع منهم المخالفة والخطأ, فلا يتابعون على خطئهم، ولكنهم لا يتعمدون البتة الفتيا بما يخالف الشرع, ومن ثم لا تقدح فيهم تلك الزلات، وللشاطبي كلام نفيس في الموقف من زلات العلماء, نسوقه لأهميته، يقول - رحمه الله -: إذا ثبت هذا، فلا بد من النظر في أمور تنبني على هذا الأصل:

- منها: أن زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة, ولا الأخذ بها تقليدا له، وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع، ولذلك عدت زلة، وإلا فلو كانت معتدا بها؛ لم يجعل لها هذه الرتبة، ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها، كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير، ولا أن يشنع عليه بها، ولا ينتقص من أجلها، أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا, فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين، وقد تقدم من كلام معاذ بن جبل وغيره ما يرشد إلى هذا المعنى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة