حكم الإسراع إلى الصلاة لإدراك أمر دنيوي

0 167

السؤال

هل الإسراع إلى الصلاة للحاق بأمر من أمور الدنيا مثل قيام بنت إلى الصلاة بعد الأذان مباشرة لكي لا يفوتها برنامج على التلفاز شرك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن هذا لا ينبغي حمله على الشرك، بل ينبغي حسن الظن بالفتاة وحمل هذا البدار على الاهتمام بالصلاة وأدائها قبل عروض ما يشغل عنها، ولكن المسلم ينبغي له أن يأنس بالصلاة ويتسلى ويرتاح بها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: جعلت قرة عيني في الصلاة. رواه أحمد والنسائي، وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم: يا بلال: أقم الصلاة، أرحنا بها. رواه أحمد، وصححه الألباني.

وينبغي أن يحرص على الأعمال الصالحة فهي أنيسه في القبر حين يسلمه أهله لبيت الوحدة والغربة، ففي حديث البراء الطويل، قال صلى الله عليه وسلم: فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الإسلام، فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت، فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول: أنا عملك الصالح. رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني.

ولكن الاهتمام بالأعمال لا يمنع أن يمارس المسلم ما يحتاجه من أمور الكسب الدنيوي، فقد رغب الإسلام في السعي والكسب وشرع الذهاب للكسب بعد الانتهاء من الصلاة، كما قال تعالى: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون {الجمعة:10}.

وقد مدح الله تعالى صنفا من الناس، فقال فيهم: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار {النور:37}. 

قال ابن كثير رحمه الله: يقول تعالى لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم، والذين يعلمون أن الذي عنده هو خير لهم وأنفع مما بأيديهم، لأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق، ولهذا قال تعالى: لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ـ أي يقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم، قال هشيم عن شيبان قال: حدثت عن ابن مسعود أنه رأى قوما من أهل السوق حيث نودي للصلاة المكتوبة تركوا بياعاتهم ونهضوا إلى الصلاة، فقال عبد الله بن مسعود: هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله الآية، وهكذا روى عمرو بن دينار القهرماني عن سالم عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ـ رواه ابن أبي حاتم وابن جرير، وقال عمرو بن دينار الأعور: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخمروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا سالم هذه الآية: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ـ ثم قال: هم هؤلاء، وكذا قال سعيد بن أبي الحسن والضحاك: لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها، وقال مطر الوراق: كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة