حكم استخدام الجن في الأمور المحرمة

0 182

السؤال

سعادة المشايخ حفظهم الله تعالى.
اسمحوا لي أن أسألكم عن الأمور الواقعية، والحادثة في كثير من بلاد المسلمين وهي كالتالي:
ما حكم قسم، وتوكل، وأمر، وطلب من الجن خطف المال، أو جلب الشيء من مكان إلى مكان مثل الدعاء أو النداء " اخطف يا خادم هذه السورة الشريفة. أو يا ميمون اخطف كذا إلى مكان كذا.
وعادة قبل الشروع في القسم والطلب، قام المعزم بذكر أسماء الجن بعدد مخصوص وإشعال الشمع، والبخور وغيرها.
هل الاستعانة بالجن مثل هذا يعد شركا أكبر أو لا؟
أفتوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن في السؤال ما ليس واضحا، ولكن استخدام الجن في الأمور المحرمة، له حكم ما استخدموا فيه كما قال شيخ الاسلام: من كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله، إما في الشرك، وإما في قتل معصوم الدم، أو في العدوان عليهم بغير القتل، كتمريضه، وإنسائه العلم وغير ذلك من الظلم، وإما في فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة، فهذا قد استعان بهم على الإثم والعدوان، ثم إن استعان بهم على الكفر، فهو كافر، وإن استعان بهم على المعاصي، فهو عاص: إما فاسق، وإما مذنب غير فاسق.. اهـ انظر: مجموع الفتاوى.

وما يكون من النداء والاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه، فلا يعد من الشرك، بل هو جائز في المباحات، كما في قوله تعالى: فاستغاثه الذي من شيعته {القصص:15}. ومحرم في المحرمات؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان.

وأما الدعاء والاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فهو من الشرك بالله المخرج من الملة؛ لما في الحديث الصحيح: إنه لا يستغاث بي، وإنما يستغاث بالله. رواه الطبراني.

وأما اعتقاد أن للسور خداما، فإنما هو من عقائد المشعوذين ونحوهم، ولا أصل لهذا في الشرع البتة.

قال الحكمي رحمه الله: كلما شعوذ مشعبذ، وتحذلق متحذلق، وأراد الدجل على الناس، والتحيل لأخذ أموالهم, طلب السبل إلى وجه تلك الحيلة، ورام لها أصلا ترجع إليه, فإن وجد شبهة تروج على ضعفاء العقول، وأعمياء البصائر وإلا كذب لهم كذبا محضا، وقاسمهم بالله إنه لهم لمن الناصحين, فيصدقونه لحسن ظنهم به. ومنه أسماء يدعونها, تارة يدعون أنها أسماء الملائكة، وتارة يزعمون أنها من أسماء الشياطين, واعتقادهم في هذه الأسماء أنها تخدم هذه السورة أو هذه الآية, أو هذا الاسم من أسماء الله تعالى, فيقولون: يا خدام سورة كذا، أو آية كذا، أو اسم كذا, يا فلان ابن فلان، ويا فلان ابن فلان أجيبوا أجيبوا, العجل العجل, ونحو ذلك. وما من سورة من القرآن، ولا آية منه، ولا اسم من أسماء الله يعرفونه إلا وقد انتحلوا له خداما ودعوهم له, ساء ما يفترون. وتارة يكتبون السورة أو الآية ويكررونها مرات عديدة بهيئات مختلفة، حتى إنهم يجعلون أولها آخرا، وآخرها أولا, وأوسطها أولا في موضع، وآخرا في آخر, وتارة يكتبونها بحروف مقطعة كل حرف على حدته، ويزعمون أن لها بهذه الهيئة خصوصية ليست لغيرها من الهيئات, ولا أدري من أين أخذوها وعمن نقلوها؟! ما هي إلا وساوس شيطانية زخرفوها، وخرافات مضلة ألفوها، وأكاذيب مختلقة لفقوها, لم ينزل الله بها من سلطان، ولا يعرف لها أصل في سنة ولا قرآن, ولم تنقل عن أحد من أهل الدين والإيمان. إن هؤلاء إلا كاذبون أفاكون مفترون, وسيجزون على ما كانوا يعملون. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة