العمل بفتوى المفتي.. رؤية شرعية احترازية

0 138

السؤال

عندما أعرض أي مشكلة على شيخ معين، أو على موقع إسلامي كموقعكم ليعطوني حكما معينا، فإذا كان في الفتوى التي أفتاني بها خطأ، وقمت أنا بالتقيد بهذه الفتوى في خصوص ذلك الحكم، فهل أتحمل المسؤولية أمام الله، أم الذي أفتاني؟ وإذا كان الموضوع خطيرا نوعا ما، وفي حرام، وكانت الفتوى خاطئة، وقمت أنا بالتقيد بهذه الفتوى الخاطئة، فهل الإثم يقع علي، أم على المفتي، أم يقع على كلينا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالسؤال غير واضح بما فيه الكفاية، لكن نقول في جواب عام: إن على العامي أن يستفتي من يثق بعلمه وورعه من أهل العلم، ثم يعمل بفتواه، فهذا فرضه، كما قال تعالى: وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون {الأنبياء:7}، وإذا استفتى من هو أهل للفتوى فلا يؤاخذ بعد ذلك. 

لكن ننبه إلى أنه لا يجوز له العمل بهذه الفتوى إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن على خلافها، قال ابن القيم - رحمه الله - في إعلام الموقعين: لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه، وحاك في صدره من قبوله، وتردد فيها؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: استفت نفسك، وإن أفتاك الناس وأفتوك فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولا، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه؛ فإنما أقطع له قطعة من نار والمفتي والقاضي في هذا سواء، ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه، إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن، سواء تردد، أو حاك في صدره؛ لعلمه بالحال في الباطن، أو لشكه فيه، أو لجهله به، أو لعلمه جهل المفتي، أو محاباته في فتواه، أو عدم تقييده بالكتاب والسنة، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها؛ فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتي يسأل ثانيا، وثالثا حتى تحصل له الطمأنينة؛ فإن لم يجد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة. انتهى.

وكل من كان غير أهل للفتوى وأفتى بغير علم فإنه يكون آثما، وراجع الفتوى: 11773، 166885

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة