حكم الزواج من الزاني غير التائب

0 245

السؤال

هل الزواج من الزاني أو الزانية اللذين لم يريدا التوبة هو الذي رجح جماهير أهل العلم صحته ؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد ذهب جماهير العلماء سلفا وخلفا إلى عدم اشتراط التوبة من الزنا لصحة الزواج من الزاني أو الزانية ، ‏جاء في الموسوعة الفقهية : ‏" اختلف الفقهاء في جواز نكاح الرجل العفيف بالمرأة الزانية أو المرأة العفيفة بالرجل ‏الزاني , ‏فذهب جمهور الفقهاء إلى أن زنا الرجل لا يحرمه على المرأة العفيفة، وأن زنا المرأة لا ‏يحرمها على الرجل العفيف , وذهب ‏الحنابلة إلى أنه إذا زنت المرأة لم يحل لمن يعلم ذلك ‏نكاحها إلا بشرطين : أحدهما : انقضاء عدتها , والثاني : أن تتوب من ‏الزنا".‏
وعبر عن ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى المصرية بقوله: "نكاح الزانية " حرام حتى تتوب، سواء كان زنى ‏بها هو أو غيره، هذا هو الصواب بلا ريب، وهو مذهب طائفة من السلف والخلف: منهم أحمد بن حنبل وغيره، وذهب كثير ‏من السلف إلى جوازه، وهو قول الثلاثة".‏

ولابن حزم في المحلى على المجلى تفصيل في ذكر القائلين به من السلف الكرام. لكن ينبغي أن يعلم أن قول جمهور الفقهاء لا يلزم كونه هو الراجح، بل قد يكون الحق مع مخالفهم، قال ابن القيم في (الهدي) ‏مقررا هذه الحقيقة ، وهو يناقش قول الجمهور بوقوع طلاق الحائض :"المقام الثاني: أن فتوى الجمهور بالقول لا يدل على ‏صحته، وقول الجمهور ليس بحجة." إلى آخر كلامه...

والمرجح عندنا في هذه المسألة هو ما ذهب إليه الحنابلة، وقد بينا وجه ترجيح هذا القول في عدد من الفتاوى ‏فانظر مثلا الفتوى رقم : ‏38866‏ وما أحيل عليه فيها.‏
وأخيرا نحب أن نشير إلى أن القائلين بأن الزنا سبب لتحريم النكاح حتى تنقضي العدة وتتم التوبة منه، قد اختلفوا منه في ثلاث نقاط:

الأولى ـ في عدة الزانية ، كم هي؟ ‏فمعتمد الحنابلة أنها كعدة المطلقة واختار بعضهم أن عدة ‏الزانية حيضة. كما أوضحناه في الفتويين :236413، ‏‎ .186231

 والثانية ـ هل الحرمة مختصة بالزانية ‏أم تشمل الزاني أيضا؟ فمعتمد الحنابلة اختصاصها بالزانية والشمول رواية عن أحمد وقول ابن تيمية ، قال الكشاف على الإقناع ممزوجين : "(ولا يشترط) لصحة نكاحها (توبة الزاني بها إذا نكحها) أي إذا أراد أن ينكح الزانية كالزاني بغيرها". وفي الاختيارات (لابن تيمية) :" وتحرم الزانية حتى تتوب وتنقضي عدتها وهو مذهب الإمام أحمد وغيره، ويمنع الزاني من تزويج العفيفة حتى يتوب. "

والثالثة ـ هل ‏الحرمة بين الزاني والزانية مؤقتة أم مؤبدة؟ فقال بالتأبيد طائفة من الصحابة كعائشة وابن مسعود ، والجمهور أنها مؤقتة ‏بالتوبة كنكاحهما من غيرهما. ‏قال البهوتي في شرح المنتهى:" فإن تابت وانقضت عدتها حلت لزان كغيره في قول أكثر أهل العلم منهم أبو بكر وعمر وابنه وابن عباس، وجابر وعن ابن مسعود والبراء بن عازب وعائشة لا تحل لزان بحال ". اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة