الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم القضاء والكفارة لمن أكرهت على الزنا في نهار رمضان

السؤال

طُلِّقت امرأةٌ قبل سنةٍ من قبل زوجها، وهي تعيش في بيت أبيها، ومازالت غير متزوجة، وفي يوم من هذه الأيام المباركة في هذا الشهر المبارك خرجت المرأة إلى الخارج وفجأة اغتصبها زوجها ـ المطلِّق ـ وعاشرها من غير نكاح شرعي، بل بالقوة والقهر ووطئها لمدة يومين، وبعد اليومين طرحها عند بيت أبيها، ومن هذا الواقع تخرج لنا عدة أسئلة:
1ـ كم عدتها؟.
2ـ كيف تقضي صيام اليومين؟ أعن كلِّ يومٍ يوم؟ أم عن كلِّ يوم شهران؟.
3ـ وإذا كان في بطنها حمل، فهل يجوز لها إسقاطه؟.
4ـ وما حد وجزاء المغتصِب الظالم؟.
5ـ وهل يطلق على المرأة اسم زانية؟.
6ـ تقدم لخطبتها رجلٌ صالحٌ قبل هذه الحادثة، فهل يمكن له الزواج منها وأن ينسى ذلك مصدقا لقول الله تعالى: ولا تزر وازرة وزر أخرى؟ أم عليه أن ينصرفَ عن هذا الزواج؟.
7ـ وما هي نصيحتكم لهذه الأخت المظلومة؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت هذه المرأة وقت اغتصابها بائنة لكونها طلقت قبل الدخول بها أو لكون عدتها قد انتهت، فما حصل من مطلقها من إكراهها على الجماع يعتبر زنا ـ والعياذ بالله ـ وقد اختلف أهل العلم في عدة المزني بها، والأحوط ـ والله أعلم ـ أنها كعدة المطلقة ـ وهي ثلاث حيضات لمن تحيض ـ قال ابن قدامة رحمه الله: وَالْمَزْنِيُّ بِهَا كَالْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ، وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، ذَكَرهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ـ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ، لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحِفْظِ النَّسَبِ، وَلَا يَلْحَقُهُ نَسَبٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَلَنَا أَنَّهُ وَطْءٌ يَقْتَضِي شَغْلَ الرَّحِمِ، فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ مِنْهُ، كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ.

وأما بخصوص قضاء الصيام والكفارة: فقد سبق أن بينا في الفتاوي التالية أرقامها حكمهما بالنسبة للمكرهة على الجماع: 111893، 1113، 41607.

وأما عن إسقاط الحمل: فقد بينا كلام العلماء فيه في الفتوى رقم: 44731.

وأما حد المغتصب: فهو حد الزاني، وهو الرجم للمحصن والجلد مائة وتغريب عام للبكر، ويرى بعض العلماء أن عليه مهر المرأة، وانظر الفتوى رقم: 19424.

ولا يطلق على المكرهة على الزنا اسم الزانية، ولا يمنع من زواجها ما تعرضت له من اغتصاب، وإذا كانت ذات دين وخلق فنرجو أن يؤجر الرجل ـ بإذن الله ـ في زواجها إذا نوى سترها وجبر خاطرها، ونصيحتنا لهذه المرأة أن تصبر وتستقيم على طاعة الله وتحسن الظن بالله فإنه رحيم ودود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني