حكم بيع المجوهرات لمن يستعملها كتمائم لدفع العين

0 4302

السؤال

أنا تاجر أبيع مجوهرات غير ثمينة. فما حكم بيع تمائم - نقصد العين والخمسة -؟
بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن المجوهرات غير الثمينة - إن كانت تستعمل في الوقاية من العين - فإنها تعتبر من التمائم المحرمة الاستعمال،  والتمائم هي خرزات تعلقها العرب على أولادهم يتقون بها العين - في زعمهم - فأبطلها الإسلام، وأبطل جميع الوسائل الوهمية التي تستعمل في العلاج مما لم يعرف نفعه بالشرع، ولا بالتجربة الطبية؛ كالخيط، والوتر، والودع وما أشبه ذلك؛ فقد روى الإمام أحمد عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: رأى عبد الله بن مسعود في عنقي خيطا فقال: ما هذا الخيط؟ قالت: قلت: خيط رقي لي فيه، فأخذه فقطعه، ثم قال: إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرقى، والتمائم، والتولة، شرك. إنما كان يكفيك أن تقولي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أذهب البأس، رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما.

وفي حديث آخر رواه الإمام أحمد: قيل لعبد الله بن حكيم وهو مريض، لو تعلقت شيئا، فقال: أتعلق شيئا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلق شيئا وكل إليه. رواه النسائي عن أبي هريرة.

وفي مسند أحمد من حديث عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من علق تميمة فقد أشرك.

 وفي الحديث: من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن علق ودعة فلا ودع الله له. رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي.

وعن عمران بن حصين قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عضدي حلقة صفر. فقال: ما هذه؟ فقلت من الواهنة، فقال: انبذها. رواه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي.

 وفي موطإ مالك ـ رحمه الله تعالى ـ جاء: باب ما جاء في نزع المعاليق، والجرس من العين, وذكر فيه حديث أبي بشير الأنصاري رضي الله عنه: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا قال عبد الله بن أبي بكر: حسبت أنه قال والناس في مقيلهم: لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، أو قلادة إلا قطعت ـ قال يحيى سمعت مالك يقول: أرى ذلك من العين. اهـ.

قال الزرقاني في شرحه للموطأ عن قول مالك: أرى ذلك من العين ـ قال: أي أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتارا لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلاما بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئا, ويؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه: من علق تميمة فلا أتم الله له ـ رواه أبو داود، والتميمة: ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك, قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين، فقد ظن أنها ترد القدر، وذلك لا يجوز اعتقاده. اهـ.

وقال ابن عبد البر المالكي في الاستذكار عند شرحه للحديث السابق: وهو عند جماعة من أهل العلم -كما قال مالك- لا يجوز أن يعلق على الصحيح شيء من بني آدم، ولا من البهائم بشيء من العلائق خوف نزول العين، لهذا الحديث وما كان مثله. اهـ.

وقال العلامة ابن باز ـ رحمه الله: أما التميمة من غير القرآن كالعظام، والطلاسم، والودع، وشعر الذئب وما أشبه ذلك، فهذه منكرة، محرمة بالنص، لا يجوز تعليقها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من تعلق تميمة، فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له. وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك  ..... انتهى. 
  وإذا اتضح تحريم استعمال هذه الأشياء، فإنه لا يجوز بيعها للناس ليستخدموها في الحرام؛ لما في ذلك من العون على المعاصي المنهي عنه بقول الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان. [المائدة:2].
وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف عن عطاء أنه قال: لا تبع العنب لمن يجعله خمرا. صححه الألباني.
وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى إذا حرم شيئا، حرم ثمنه. رواه الدارقطني، وصححه الألباني.
وقد نظم صاحب الكفاف مسألة تحريم بيع ما يستعمل في الحرام، فقال:
وكل ما به أراد المشتري    * ذنبا فبيعه له ذو حظــــر

فبيع الأسلحــة للعصـاة    * من البيوعات المحرمات

هذا وننبه إلى أنا لم نفهم مرادك بالخمسة، وإذا كان يراد بها الكف التي تعلق دفعا للعين، فهي داخلة فيما ذكرنا، وإلا فوضح لنا المراد.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة