للحج فضائل ليست للعمرة

0 386

السؤال

أيهما أفضل الحج أم العمرة في رمضان وقيام العشر الأواخر بالحرم المكي.؟
وجزاكم الله كل خير

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

 

فإن الحج ركن من أركان الإسلام، ويتضمن جملة من العبادات لا يتضمنها غيره، كالوقوف بعرفة ورمي الجمار والمبيت بمنى وغير ذلك من المشاعر، ولكل منها فضيلة خاصة.
ومن وجه آخر فإن العمرة مختلف في وجوبها، وهذا يقتضي أنها دون الحج في الفضل، وإن اشتركت معه في بعض فضائله، ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، ‌والحج ‌المبرور ‌ليس ‌له ‌جزاء ‌إلا ‌الجنة
وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وغيرهما عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ‌تابعوا ‌بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة "
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ... فإن ظاهره التسوية بين أصل الحج والعمرة فيوافق قول ابن عباس إنها لقرينتها في كتاب الله وأما إذا اتصف الحج بكونه مبرورا فذلك قدر زائد
وأما العمرة في رمضان فلها مزية على العمرة فيما سواه من شهور السنة لما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " عمرة في رمضان تعدل حجة" وفي رواية: "حجة معي."
وقد اختلف العلماء في توجيه هذه المعادلة بين الحج والعمرة فقيل إنها على بابها، لما ينضاف لثواب العمرة إذ ذاك من شرف الزمان ومن العبادات المصاحبة كالصيام والتراويح، وقيل إن هذه فضيلة خاصة بالمرأة التي ورد الحديث بشأنها، وقيل: إن هذا من باب المبالغة في الترغيب والحث عليها. وقيل غير ذلك من التوجيهات.
والذي يظهر - والله أعلم - أنه لا يلزم من هذا أنها تعدل ثواب الحج من كل وجه، جاء في مسائل الإمام أحمد بن حنبل لإسحاق بن منصور الكوسج: "قلت: من قال: عمرة في رمضان تعدل حجة. أثبت هو؟ قال: بلى، هو ثبت.

قال إسحاق: ثبت كما قال، ومعناه: أن يكتب له كأجر حجة، ولا يلحق بالحاج أبدا." انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: وقال إسحاق: يعني هذا الحديث مثل ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: من قرأ قل هو الله أحد، فقد قرأ ‌ثلث ‌القرآن. انتهى.
وقال ابن خزيمة رحمه الله في صحيحه: ‌‌باب فضل العمرة في رمضان، والدليل على أنها تعدل بحجة، مع الدليل على أن الشيء قد يشبه بالشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني، لا في جميعها. انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: المعتمر في رمضان إن عاد إلى بلده فقد أتى بسفر كامل للعمرة ذهابا وإيابا في شهر رمضان المعظم فاجتمع له حرمة شهر رمضان وحرمة العمرة وصار ما في ذلك من شرف الزمان والمكان يناسب أن يعدل بما في الحج في شرف الزمان وهو أشهر الحج وشرف المكان. وإن كان المشبه ليس كالمشبه به من جميع الوجوه. انتهى.
وقال ابن علان في دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين: والظاهر أن المراد بالعدل هنا ما قالوه في نحو خبر: إن قراءة الإخلاص تعدل ‌ثلث ‌القرآن، من أن في القليل مثل ثواب الكثير من غير مضاعفة، لئلا يلزم تساوي القليل والكثير، فيكون حاملا للناس على الإعراض عن الكثير، وهذا أولى من قول الطيبي أنه من باب المبالغة، وإلحاق الناقص بالكامل ترغيبا، وحثا عليه. اهـ وذلك؛ لأن الله امتن على ضعفاء عباده العاجزين عن الإتيان بذلك الكثير، بأن جعل لهم ما يصلون به إلى مراتب الأقوياء القادرين على الكثير، ولا يلزم منه الرغبة عن الكثير، لما تقرر من الفرق بينهما. انتهى.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة