حكم من قتل صائلا دفاعا عن نفسه، ومذاهب الفقهاء في دفع الصائل

0 232

السؤال

جزاكم الله خيرا. أريد الإجابة على سؤال ضروري جدا، وبأقصى سرعة رجاء. دخل مجموعة من المجاهدين لنقطة للنصيرية في الشام، وخلال التمشيط ظن أحد المجاهدين أن أحد الشباب المجاهدين من الجيش النصيري، فهم بقتله، فقام الآخر بالدفاع عن نفسه، وقتل الأول، مع أن الثاني يعلم أن الأول مجاهد، إلا أنه أدرك أنه سيقتله، فهل يدخل هذا أنه قتل خطأ؟ مع أنه كان يقصد قتله أي أنه كان يعلم أنه مجاهد، ولكن قتله حتى لا يقتله الآخر، وكان لا يستطيع كف ضرره إلا بقتله. فما هو الحكم الشرعي؟
وأهم شيء شيخي الكريم نريد أن نعلم هل عليه صيام؟ لأنك تعلم ظروف المجاهدين، ولا يستطيع صيام شهرين متتابعين الآن - إن كان حكم حضرتكم أنه قتل خطأ، وليس دفاعا عن النفس. ورجاء نريد من فضيلتكم الإجابة بسرعة، وجزاكم الله عن الإسلام خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمما لا يخفى على المسلم حرمة الدماء في الشرع وأن القتل بغير حق من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وقد بينا ذلك في فتاوى عديدة منها الفتاوى التالية أرقامها: 43107 // 19156 // 109347 // 176211 ، لكن إن كان واقع الحال ما ذكر في السؤال من أنه "لا يستطيع كف ضرره إلا بقتله" بمعنى أنه ما كان القاتل يستطيع دفع ضرر المقتول بأي حيلة إما بالهرب منه، أو تنبيهه بالكلام، وإخباره أنه من أصحابه، وإما بإصابته في غير مقتل، ولم يجد بدا من قتله ليدافع عن نفسه، فإن كان واقع الحال كذلك فإنه لا إثم عليه في قتله ولا تلزمه دية ولا كفارة، لأن هذا يدخل في دفع الصائل، جاء في الموسوعة الفقهية : إن قتل المصول عليه الصائل دفاعا عن نفسه ونحوها فلا ضمان عليه - عند الجمهور - بقصاص ولا دية ولا كفارة ولا قيمة، ولا إثم عليه، لأنه مأمور بذلك . اهــ . ونسأل الله أن يجمعهما سويا في جنات النعيم .

وننبه هنا إلى أن الفقهاء قد اختلفوا في دفع الصائل على النفس هل يجب أم لا ؟ ونلخص كلامهم مما جاء في الموسوعة الفقهية حيث جاء فيها : اختلف الفقهاء في حكم دفع الصائل على النفس وما دونها.

1- فذهب الحنفية - وهو الأصح عند المالكية - إلى وجوب دفع الصائل على النفس وما دونها، ولا فرق بين أن يكون الصائل كافرا أو مسلما، عاقلا أو مجنونا، بالغا أو صغيرا، معصوم الدم أو غير معصوم الدم، آدميا أو غيره ....

2- وذهب الشافعية إلى أنه إن كان الصائل كافرا، والمصول عليه مسلما وجب الدفاع ..... أما إن كان الصائل مسلما غير مهدور الدم فلا يجب دفعه في الأظهر، بل يجوز الاستسلام له، سواء كان الصائل صبيا أو مجنونا، وسواء أمكن دفعه بغير قتله أو لم يمكن ....

3- وذهب الحنابلة إلى وجوب دفع الصائل عن النفس في غير وقت الفتنة، لقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} ولأنه كما يحرم عليه قتل نفسه يحرم عليه إباحة قتلها، أما في زمن الفتنة فلا يلزمه الدفاع عن نفسه، لقوله صلى الله عليه وسلم: فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف، فألق ثوبك على وجهك ، ولأن عثمان رضي الله عنه ترك القتال على من بغى عليه مع القدرة عليه، ومنع غيره قتالهم ، وصبر على ذلك ولو لم يجز لأنكر الصحابة عليه ذلك ... اهــ مختصرا . 

والله تعالى أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة