حكم التلفظ بما يدل على الضجر من طلبات الوالدين بعيدا عنهما

0 253

السؤال

هل قول أف أو بالعامية قول: ييييي ـ عندما يطلب الوالد أو الوالدة شيئا من الابن حرام وداخل في النهي، علما بأن الابن لا يقول هذا أمام الوالدين، وإنما بعيد عنهما بحيث لا يستطيعان سماع تأفيفه؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فحق الوالدين عظيم، وقد أمرنا الله بمخاطبتمها بالأدب والرفق والتواضع والتوقير، ونهى عن زجرهما وإغلاظ القول لهما، قال تعالى: فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء:23ـ 24}.
قال القرطبي: وقل لهما قولا كريما ـ أي لينا لطيفا مثل: يا أبتاه ويا أماه من غير أن يسميهما، ويكنيهما، قال عطاء: وقال ابن البداح التجيبي: قلت لسعيد بن المسيب كل ما في القرآن من بر الوالدين قد عرفته إلا قوله: وقل لهما قولا كريما ـ ما هذا القول الكريم؟ قال بن المسيب: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ.

والنهي عن قول: أف ـ للوالدين يقتضي النهي عن كل ما فيه تبرم أو تضجر منهما، فهذه الكلمة العامية التي تقال عند التضجر داخلة في هذا النهي، قال القرطبي رحمه الله: فلا تقل لهما أف ـ أي لا تقل لهما ما يكون فيه أدنى تبرم. 

وانظر الفتوى رقم: 46288.

أما التضجر والتبرم دون إظهاره للوالدين، فالظاهر ـ والله أعلم ـ أنه لا يدخل في هذا النهي، وأن المنهي عنه هو مواجهة الوالدين بهذه الأمور، كما قال تعالى: فلا تقل لهما أف ـ قال ابن كثير رحمه الله: وقوله: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ـ أي: لا تسمعهما قولا سيئا، حتى ولا التأفيف الذي هو أدنى مراتب القول السيئ: ولا تنهرهما ـ أي: ولا يصدر منك إليهما فعل قبيح.

وقال السعدي رحمه الله: فلا تقل لهما أف ـ وهذا أدنى مراتب الأذى نبه به على ما سواه، والمعنى لا تؤذهما أدنى أذية.

وجاء في التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام: كدلالة: فلا تقل لهما أف ـ على تحريم الضرب، فإن المعنى العباري له تحريم خطاب الولد للوالدين بهذه الكلمة الموضوعة للتبرم والتضجر.

لكن ينبغي على الولد أن يجاهد نفسه ولا يتلفظ بما فيه تضجر أو تبرم من الوالدين ولو كان ذلك بينه وبين نفسه، بل ينبغي أن يوطن نفسه على مقابلة أوامر الوالدين بالرضا والانشراح وطيب النفس، ومما يعينه على ذلك استحضار النية الصالحة واستشعار عظيم الأجر على بر الوالدين. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة